يعود تاريخ شرب بعض العصائر وخلطات الأعشاب المقاومة للحرارة والعطش إلى قرون سابقة. ولهذا الغرض، اعتاد سكان الصحراء الكبرى على مشروبات وأدوية طبيعية. يحضر سكان منطقة عين صالح منذ قرون مشروب ''الكيني'' المقاوم للعطش والحرارة، وهو مشروب كاد يختفي في السنوات الأخيرة، إلا أن عودة رمضان إلى الصيف أعادته للمائدة. وهو مشروب مكوّن من 14 عشبة طبيعية مجففة مع مسحوق التمر، ويسمى مشروب ''الكيني'' في بعض الواحات، وفي واد سوف وورفلة ''الحوس'' ويتكون من أعشاب تتراوح بين 12 و15 عشبة، هي الآزير والزعتر والكليلة وكمية قليلة جدا من الشيح والرمث والقديد ومسحوق نبتة الحالو وغاضة، وأغلبها أعشاب محلية تنبت في الصحراء في محيط الواحات، يضاف إليها مسحوق التمر الجاف أو القرباعي، ثم يبرد في القرب. ويعدّ مشروب ''آدفي'' المحلي الصنع في غرداية من أفضل السوائل التي تمنع العطش عن الصائم، فهو يعطيك إحساسا بالراحة الجسدية، وتحس أثناء تناوله بيسر نزوله في المعدة، ليجعل يوم الصائم الطويل في الصيف أقل إرهاقا. وقد وصفه أحد كبار الباحثين في الطب الداخلي وأمراض المعدة، هو البروفيسور الفرنسي آدم إيمانويل، بأنه أفضل علاج لعدة أمراض، كالإرهاق وعسر الهضم والاضطرابات التي تصيب المعدة والجهاز الهضمي. وعند تناوله في الدقائق الأولى بعد أذان المغرب، يحس الصائم بحالة مثيرة من الاسترخاء والراحة. وتقول الروايات بأنه قبل قرون، ابتكر السكان المحليون في مناطق واد مزاب وواد ''ريغ'' في ولاية ورفلة مشروب آدفي الذي له عدة تسميات في الصحراء الجزائرية، منها ''إيمسكرت'' و''ايزامة''. لكن طريقة تحضيره واحدة، فهو يتكون من خليط ممزوج من أكثر من 44 عشبة وبذرة ونبتة. وتقول الروايات بأنه يتكون من خليط من 99 نبتة، فيقال بأن كل ما ينبت في الأرض يصلح كي يكوّن مشروب آدفي، الذي يجعل الصيام في الصيف تحت حرارة تفوق 44 مئوية غير شاق. ويتكون آدفي من بذور البقول كلها، حيث أعشاب الزعتر والشيح و''الآزير'' المعروف مع ''الكليلة''، وهي جبن أغنام مجفف، و''الهرماس''، وهو مشمش مجفف، وتمزج 3 حبات من كل نوع من البقول، مثل الفول، الحمص والعدس وباقي البذور المعروفة والمتداولة في الصحراء الجزائرية. ولم يترك القدامى من سكان واد مزاب شيئا للصدفة، حيث يشرب الآدفي خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان ويمنع شربه في الثاني، ثم يشرب في الثالث ويمنع في الرابع. ويقال بأن هذه هي الطريقة المثلى لاستعمال هذا المشروب المحلي. ورغم تقلص استعماله حاليا بسبب مذاقه غير الحلو، إلا أن موائد الغرداويين في رمضان لم تكن تخلو أبدا من مشروب آدفي قبل سنوات.