استطاع حُيي بن أخطب من بني النّضير إقناع بني قريظة بنقض عهدهم مع النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، وضمّهم إلى معسكره ضدّ المسلمين، مستفيداً من موقعهم المتميّز في جنوبالمدينة. ولمّا وصلت الأخبار إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنقضهم للعهد، أرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ومعهما عبد الله بن رواحة وخوات بن جبير رضي الله عنهم للوقوف على حقيقة الأمر، والتأكّد من صحّة الخبر، ولمّا دنوا منهم وجدوا أنّهم قد نقضوا العهد ومزّقوا الوثيقة، وجاهروا بالسبّ والعداوة، وأظهروا استعدادهم للحرب، فعاد الصحابة إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مؤكّدين له غدر اليهود وخيانتهم. ووصلت جموع الأحزاب إلى المدينة، ليفاجأوا بوجود خندقٍ يحول بينهم وبين اقتحامها، فلم يكُن أمامهم سوى ضرب الحصار على المسلمين، والبحث عن فرجةٍ تمكّنهم من الدخول، لكنّ المسلمين كانوا يقظين لمحاولاتهم، فكانوا يرمونهم بالسِّهام لمنعهم من الاقتراب. وطال الحصار، واشتدّ البلاء، فرفع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يديه إلى السّماء وقال: ''اللّهمّ منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللّهمّ اهزمهم وزلزلهم''، فاستجاب الله دعاء نبيّه، وتمّ النّصر للمؤمنين عندما هبّت عواصفُ شديدة اقتلعت خيام الكفّار وأطفأت نيرانهم وقلّبَت قدورهم، وأنزل الله الملائكة تزلزلهم، وتُلقي الرُّعب في قلوبهم. وانتهت المعركة بانتصار المسلمين على الرّغم من كثرة عدوّهم، ودخل اليأس في قلوب كفّار مكّة من القضاء على دولة الإسلام، وكشفت الغزوة عن حقيقة اليهود وحقدهم، ومكر المنافقين وخبثهم.