لا يكاد يخلو بيت من بيوت العائلات ''التيارتية'' خلال شهر رمضان من مادة ''الدشيشة''، نتاج عملية طحن القمح أو الشعير، وتتأسف الحاجة فاطمة تلمساني من ظاهرة بيع هذه المادة في الأسواق مغشوشة، وهي التي تقول إنها كانت تهدى من قبل القرويين إلى سكان المدينة كعربون صداقة بين الناس. لا تختلف العائلات التيارتية المقيمة في المدينة عن تلك التي تملك أراض فلاحية، في تحضير ''دشيشة'' رمضان، حسب الحاجة فاطمة، حيث تقوم ربات البيوت بغسل القمح أو الشعير وتجفيفه ثم تحميصه ''القلي'' وطحنه، إما بالطريقة التقليدية باستعمال ''القرويشة''، وهي عبارة عن حجرة مشكلة من جزئين أحدهما ثابت والآخر يحرك بذراع خشبي، قالت محدثتنا إنه يدعى ''الشطاط'' لطحن القمح بعد إسقاطه في ثقب يتوسط الجزء العلوي المتحرك. وفي المرحلة الأخيرة يخضع الدقيق إلى الغربلة. وفي ظل تخلي الكثيرات من ربات البيوت عن التقاليد، هروبا من متاعب رحاة ''القرويشة''، تؤكد الحاجة فاطمة أن الأغلبية التي تتوفر على الحبوب تقوم بتحويلها إلى المطاحن التابعة للخواص، وعددها لا يزيد عن ثلاث بعاصمة الولاية، حيث تشهد هذه الأخيرة طوابير كبيرة هذه الأيام بفعل توافد الكثير من الزبائن، من بينهم المغتربين الذين لا زال الكبار منهم يتعلقون بالتقاليد. لكن الظاهرة التي أثارتها محدثتنا تتعلق بتراجع العائلات عن تبادل الهدايا، وبخاصة المواد المستعملة في تحضير مائدة رمضان من توابل وعجائن الشربة التقليدية و''دشيشة'' بنوعيها، العادي و''المرمز'' المستخرجة من الشعير.