بلحول مولاي، مصوّر هاو من مدينة تلمسان، يعشق العدسة، فلا تكاد تفارقه وهو يتجوّل في شوارع المدينة، يلتقط صور آثارها ومناظرها الطبيعية الخلابّة، وحتّى الأنشطة الثقافية في مختلف القاعات والمسارح، مستغلاً التقنيات الحديثة للاتصال لترويج إبداعاته. بصدفة، اكتشفتُ صوره الجميلة والنادرة على أحد مواقع الأنترنت، وكم كانت مفاجأته كبيرة حين طلبت منه مصالح وزارة الثقافة تحضير نفسه ليشُدّ الرِّحال مسافراً إلى النّمسا لإعداد روبورتاج، يصوّر حياة المسلمين ومساجدهم بالعاصمة فيينا. مولاي قال إنّه لم يكن يحلُم أو يفكّر يوماً ما أنّه سيزور دولة النمسا في قلب أوروبا. ولمّا جاءته الفرصة، حمل عدسته ورحل من الجزائر إلى روما ثمّ فيينا، وكان باله طيلة الرِّحلة شارداً.. كيف سيجد حال المسلمين والمساجد في النمسا؟ ومَن سيستقبله بالمطار؟ إلى غير ذلك من الأسئلة. وبمجرد وصوله العاصمة النمساوية، وجد في انتظاره مصوّرا نمساويا يُدعى كريستيان فارتال، قيل له إنّه من أكبر المصوّرين المحترفين في البلد، وكان رفيقه طيلة الأسبوع الّذي أنجز فيه عملاً مصوّراً سيعرض على شكل معرض للصور الفوتوغرافية، وسيتم العرض خلال شهر ديسمبر المقبل ضمن فقرات البرنامج الّذي ستشارك به دولة النمسا في إطار فعاليات تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية، حيث سيكتشف الجمهور عن طريق الصورة تفاصيل حياة نصف مليون مسلم يعيشون في دولة النمسا، أغلبهم من جالية تركية، وسيتعرّفون على أهم مساجد العاصمة فيينا، مثل المسجد الكبير والمركز الثقافي الإسلامي الّذي بني على الطراز العمراني التركي، ومسجد الهداية الّذي ترتاده جالية جزائرية مسلمة معتبرة. وأكّد مولاي أنّه لاحظ أنّ الأقلية المسلمة تعيش في أمن واستقرار، وأضاف ابن حي الأفق الجميل بعاصمة الزيانيين، أنّه فخور لأنّ الله تعالى وفّقه لينجز عملاً سيؤرّخ لحياة أقلية مسلمة كبيرة ومحترمة تعيش في قلب أوروبا، رصد حركاتها وتفاصيل حياتها وأماكن عبادتها بعدسته. وعن أهم اللّحظات الّتي أثّرت في نفسه وهو ينجز عمله، ذكر لنا ذلك النمساوي الأوروبي صاحب الإثنين وستين سنة، والّذي اعتنق الإسلام بداية التسعينيات من القرن الماضي وأشرف بنفسه على بناء مسجد للمسلمين، وهو يتكفّل بجمعية ترعى اليتامى وتقدّم لهم خدمات اجتماعية، مضيفاً أنّ صلاة الجمعة بالمسجد الكبير لفيينا لها طعم خاص، تدل على أنّ دين الله ونور الإسلام بخير رغم حملات التّشويه الّتي طالته بأوروبا، وهو المنظر الّذي أثّر حتّى في المصوّر النمساوي الّذي وجد نفسه يقترب من حياة المسلمين للمرّة الأولى. كما لم تغفل عدسة المصور التلمساني مولاي رصد الجماليات والأناقة الّتي تميّز أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين.