عرفت العداءة حسيبة بولمرقة، بكونها أول امرأة عربية تفوز بميدالية ذهبية في بطولة العالم والألعاب الأولمبية، كما يعرف عنها أنها جريئة في ردودها على الصحافة العالمية وخاصة الفرنسية منها. ولاتزال ابنة مدينة ''الجسور المعلقة''، تحتفظ بذكريات جميلة عن مشوارها الذي لم يخل أيضا من محطات سيئة، لم تستطع بولمرقة منع نفسها من التعامل معها.
قصتها مع ألعاب القوى بدأت في قسنطينة بدأت العداءة المتألقة حسيبة بولمرقة، علاقتها مع أم الألعاب، في قسنطينة. عندما بلغ عمرها عشر سنوات، بدأت ممارسة ألعاب القوى في المدرسة ضمن فريق أمل جامعة قسنطينة، وشاركت العام 1986 في السباق الدولي للعدو الريفي الذي أقيم ببغداد، وكان سباق نيوشاتل بسويسرا في نفس العام أول مشاركة لبولمرقة، على مستوى عال وسنها لم يتجاوز وقتها 14 عاما. وما تزال حيسبة تتذكر أن أول ألقابها في اختصاص ال1500 متر، كان في بطولة إفريقيا التي أقيمت العام 1988 بعنابة، ضمن فريقها المفضل شباب بلكور، الذي تعشقه كثيرا لاحتفاظها معه بذكريات جميلة.
مونديال طوكيو مفتاح التتويجات تتذكر بولمرقة أن الجزائريين لم يكونوا يرشحونها لنيل لقب عالمي في مونديال 1991 بطوكيو في اليابان، بخلاف مواطنها نور الدين مرسلي. وتقول إن فوزها بميداليتين ذهبيتين في الألعاب المتوسطية التي جرت باليونان قبلها، منحها الثقة للفوز بميدالية في بطولة العالم. وتضيف أنها كانت تفضل التحضير بعيدا عن الأضواء، ما ساعدها على الاستعداد الجيد للمونديال. وتعتبر بولمرقة اللقب العالمي بمثابة معجزة، ومع ذلك تقدر أن اللقب العالمي ليس هو الأفضل على الإطلاق في مشوارها، وتعتبر أن كل لقب فازت به له مذاق خاص. ولم تخف العداءة أن التتويج دفعها إلى الشعور بفخر مزدوج، لكون مواطنها مرسلي فاز باللقب العالمي في نفس السباق، ما جعل بطولة العالم بطوكيو، الدورة الوحيدة التي تنفرد بتتويج عداءين من بلد واحد بسباق واحد (1500متر). ولم تخف أيضا سعادتها بالاستقبال الخاص الذي حظيت به عند وصولها إلى مطار الجزائر، والأجواء العامة التي صاحبت الإنجاز. ورغم أن الميدالية كانت من المعدن الثمين، إلا أن المتحدثة تعتبر أن الميدالية البرونزية التي اكتفت بها في مونديال شتوتغارت، كانت الأحلى لأنها جاءت، في تقديرها، بعد تعرضها لمرض أفقدها مادة الكالسيوم في جسمها، ما عرضها لفقدان أظافرها. وقالت إن التضحيات التي قامت بها للحضور في الموعد العالمي كانت كبيرة، ولحسن حظها، تقول بولمرقة، لم تخيب محبيها رغم أن الميدالية لم تكن ذهبية.
التهديدات أعطتها قوة وزادتها تمسكا بالفوز تتحدث بولمرقة، بنوع من التأثر، عن التهديدات التي تلقتها قبيل مشاركتها في أولمبياد برشلونة 1992، عندما تمسكت بالمشاركة في الألعاب. وتذكر أنها اضطرت إلى تغيير مخطط تنقلها إلى برشلونة، لأسباب أمنية، لتتنقل سرا ليلة انطلاق السباق إلى برشلونة، بعدما تلقت تهديدات بالقتل. وتتذكر بولمرقة أنها كانت العداءة الوحيدة التي كانت تتنقل على متن سيارة مصفحة، في القرية الأولمبية. وتقول حسيبة إن التهديدات زادتها قوة وتمسكا بالفوز، وما تزال تتذكر أن لحظات فقط قبل السباق، خاطبها مدربها، عمار بوراس، ليطمئنها على حالها، وقال لها إنها جاهزة كليا للتحدي وإنه لا يتعين عليها تضييع الميدالية لأنها في متناولها. وبالفعل، قالت العداءة إنها دخلت السباق بقوة، وهو السباق الذي كان سريعا، وسجلت فيه رقما قياسيا إفريقيا لم يحطم إلى يومنا ( 3د و55 ث و 30ج).
لم أسخر من العداءة الفرنسية بل طلبت منها اللحاق بي في تقدير بولمرقة التي اختارت الألقاب على حساب تحطيم الأرقام، أنها لم تفكر في الإساءة إلى العداءة الفرنسية في الألعاب المتوسطية التي أقيمت بمدينة لاك دوك روسيون بفرنسا، عندما أشارت إليها بيدها لتلحق بها عندما اقتربت من خط وصول السباق. وقالت بولمرقة إن العداءة الفرنسية، وهي صديقة لها، طلبت منها قبل السباق، رفع السرعة، لتمكينها من تحقيق الحد الأدنى الذي يسمح للفرنسية بالمشاركة في موعد رسمي، إلا أن العداءة استغلت الفرصة وفازت عليها في آخر المطاف، على حد وصف البطلة الأولمبية. وقالت إنها تفضل طي صفحة هذه الحادثة، لأنها تذكرها بالحملة الشرسة التي أثارتها الصحافة الفرنسية ضدها وقتها.
نجوميتي قربتني من السياسة وجيار تعمّد إقصائي تعترف بولمرقة أنها لم ترغب يوما في ممارسة السياسة، وقالت إن نجوميتها بفضل الألقاب التي نالتها، جعلت السياسيين يهتمون بأمرها. وتوضح بأن تتويجاتها جاءت في ظرف خاص عاشته الجزائر، خاصة أنها المرأة الوحيدة التي كانت تجسد النجاح وقتها، ما جعلها مفخرة السياسيين والسلطات، على حد وصفها. وبنوع من الحسرة، ترى بولمرقة أنها ضحية إقصاء مارسه عليها وزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار، الذي قالت عنه إنه لا يفضل الحوار. وذكرت المتحدثة أن جيار تعمّد إقصاءها من انتخابات اللجنة التنفيذية للجنة الأولمبية الجزائرية، عندما أعطى تعليمات بعدم التصويت لصالحها. وقالت إن الأبطال العالميين في العالم كله تقلدوا مناصب والبعض منهم يتولّون مناصب هامة في حكومات بلدانهم، وتمثل هي وحدها الاستثناء في القاعدة، مذكرة بأنها ما تزال تحظى بتكريم البلدان الأجنبية إلى يومنا هذا، بفضل تتويجاتها.