بلغت رحلات البحث عن المياه العذبة بين سفوح جبال جيجل ذروتها، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، وإحساس الصائمين بالعطش الشديد، إلى درجة أن أصبح الكثير من هؤلاء يتسابقون على اكتشاف ينابيع طبيعية جديدة، ويستغنون عن اقتناء قارورات المياه المعدنية. لم تعد الينابيع والعيون العمومية التي تشتهر بها منطقة جيجل، على غرار ''القرز'' بالعوانة، ''بوزنطار'' بتاكسنة، ''باشلو'' بالطاهير،''بوحداد'' بالشقفة، ''عين بوزيان'' بالعنصر و''عين الكرمة'' بالسطارة... وغيرها، والتي تشهد إقبالا منقطع النظير منذ بداية شهر رمضان المعظم، تستهوي الكثير من المواطنين ممن يريدون التنويع في مذاق وعذوبة المياه، ما دفعهم للقيام بجولات في مختلف المناطق الجبلية بحثا عن منابع جديدة تتدفق منها مياها أكثر برودة وعذوبة، ويتخلون عن قارورات المياه المعدنية التي اعتادوا اقتناءها. وفي هذا الإطار، تشهد هذه المناطق، لاسيما في الفترة المسائية من كل يوم، تدفق أعداد كبيرة من الصائمين والعائلات، بحثا عن الينابيع التي لم يشربوا من مياهها من قبل، أو تلك التي لم تكتشف بعد. وذكر ''عبد السلام'' أنه اعتاد ومنذ بداية شهر رمضان، التنويع في المياه الطبيعية، مشيرا إلى أنه يفطر كل يوم على مياه ينبوع جديد، لأنه يجد في ذلك نكهته الخاصة. في حين كشف ''محمد'' أنه يقطع يوميا رفقة بعض أصدقائه مسافات تصل أحيانا إلى مائة كلم، بحثا عن ينابيع في الجبال، إلى درجة أنه قام بجلب كميات من المياه من ينابيع وشلالات في جبال وغابات كانت في السنوات الماضية مناطق محرمة، على غرار جبل بوحنش وبوعزة وبني خطاب. وأكد بعض الصائمين، من جهتهم، أنهم يفضلون استهلاك مياه الينابيع لبرودتها الطبيعية وعدم وضعها في الثلاجة، ما جعلهم يقبلون على جلبها قبل لحظات فقط عن موعد الإفطار.