أجمعت نقابات التربية بأن الزيادة في الأجر الوطني المضمون الأخير ليست سوى ذر للرماد في الأعين، لأن الحكومة ''تحايلت'' على الموظفين، من خلال منح أرباب العمل امتيازات وتحفيزات، مقابل إعفاء من الضريبة على الدخل التي تمثل في الحقيقة تكلفة هذه الزيادة بمعنى أن الخزينة العمومية لم تضخ أي فلس لصالح العمال.. أكد المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني بأن إقصاء النقابات المستقلة من الثلاثية، يبين مدى رفض الحكومة لهذه التنظيمات، واعتمادها على نقابة واحدة للعمال، حتى يتسنى لها تمرير كل ما تريده، و''لعل أحسن دليل على ذلك أن رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون من 15000 دينار إلى 18000 دينار كان مقترحا من الحكومة وتبنته الثلاثية، ولم يكن من اقتراح وزارة العمال أي النقابة الحاضرة في الثلاثية..''. وقال المنسق الوطني لمجلس نوار العربي، بأن نقابات مستقلة تمثل التربية والصحة، قدمت طلبا نهاية التسعينيات للتكتل في مركزية نقابية، لكن وزارة العمل رفضت منحها الاعتماد، رغم أن القانون يسمح بإنشاء تكتلات نقابية، وبعد فشلها في تشكيل تكتل ''عضوي''، قررت هذه النقابات تنسيق الحركات الاحتجاجية فيما بينها، وتنظيم برنامج موحد بهدف الضرب بقوة. وفي تعليقه على تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى بخصوص النقابات المستقلة، اعتبر محدثنا، اعتراف مسؤول، من المفروض أن يمثل دولة القانون ويسهر على تطبيق نصوصه، بوجود مسؤولين نقابيين دخلاء عن القطاعات التي يمثلونها أمرا خطيرا، والسكوت عنه سلوكا غير مبرر ولا مسؤول. وحسب نوار العربي، فإن عمال القطاع الخاص لا يملكون أي حقوق اجتماعية، وهم حسبه عرضة لتحايل بعض أرباب العمل ''فهناك عمال تكشف وثيقة رواتبهم أنها تحمل مبالغ مالية تبين أن الأجر يتجاوز الأجر الوطني الأدنى المضمون، في حين أن ما يكسبونه فعليا بعيدا كل البعد عن ذلك، حيث يخصم منه نقدا الجزء الذي يقع على عاتق رب العمل من الاشتراك في الضمان الاجتماعي..''. كما أن عددا من أصحاب المؤسسات الخاصة، يضيف محدثنا، لا يفرقون بين المؤسسة الخاضعة لقوانين وتؤدي خدمة عمومية، وبين الملكية الفردية التي يتمتعون بها ''فالكثير منهم يرفض تأسيس فرع نقابي في مؤسسته، وكأنه سيؤسس في بيته..'' تكلفة الرفع من الأجر الأدنى المضمون، والمقدرة حسب تصريح الوزير الأول 75 مليار دينار، حسبما جاء على لسان ممثل ''كناباست''، تعني المبلغ الذي تخسره جباية الضريبة على الأجور، فهي ليست مبالغ إضافية تصرف على الأجور، لأن أجر عامل من عمال الوظيفة العمومية، يقول، يتجاوز 18000 دينار حاليا ''والسؤال الذي يفرض نفسه.. ما هي تكلفة التحفيزات والتسهيلات المقدمة لأرباب العمل، والتي لا تعدو أن تكون في غالبها إعفاءات ضريبية..؟''. وتساءل نوار العربي، عما إذا كانت الزيادة ستمس العمال الموظفين في إطار عقود ما قبل التشغيل، باعتبار أن أجور معظمهم لا تتجاوز 12 ألف دينار. الضريبة على الدخل تتجاوز 16 ألف دينار في قطاع التربية أما الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين فطالب بمراجعة قيمة الضريبة على الدخل الإجمالي، لضمان العدالة الجبائية، بعد أن بينت نتائج دراسة ميدانية قام بها بأن هذه الأخيرة أثقلت كاهل الموظف، حتى أنه يدفع أكثر مما يدفعه التجار، وتحولت إلى عقبة أمام تحسين أجره، فالمبلغ الذي يُسلم له باليمين يُؤخذ باليسار بطريقتين، يقول الاتحاد، الأولى نتيجة الرفع من قيمة الضريبة، والثانية للارتفاع الفاحش للأسعار. واعترفت النقابة، حسب رئيسها الصادق دزيري، بأنه من واجبات المواطنة المساهمة في الدخل القومي عن طريق الضريبة، شرط ألا تكون عبئا ثقيلا على الموظف، ولإبراز ما يقتطع شهريا لكل موظف في قطاع التربية على حسب سلكه ورتبته وتصنيفه، فالمصنفون في السلم 07 كالمخبريين ومساعدي التربية ا لمتربصين في بداية مسارهم المهني يقتطع من أجورهم 1380 دج، وفي منتصف مسارهم المهني، أي في الدرجة 06 ترتفع القيمة لتعادل 2416 دج، لتصل في نهاية المسار، أي في الدرجة 12 إلى 4690 دج. أما المصنفون في السلم 10 كمعلمي المدارس الابتدائية ومستشاري التوجيه، ونائبي المقتصد، فيقتطع 2018 دج في بداية مسارهم المهني، مقابل 4552 دج في منتصف مسارهم المهني، أي في الدرجة 06، وفي نهاية المسار، أي في الدرجة 12 يقتطع 7561 دج. فيما تقتطع الحكومة، حسبما جاء في نتائج الدراسة، 2836 دج للمصنفين في السلم 12 كأساتذة التعليم المتوسط ومفتشي التعليم الابتدائي، وتصل في منتصف مسارهم المهني أي في الدرجة 06 إلى 6397 دج، أما في نهاية المسار، أي في الدرجة 12 فيقتطع لهم 9958 دج. ويفقد مديرو الثانويات والنظار والمقتصدون الرئيسيون ومفتشو التعليم الثانوي في بداية مسارهم المهني المصنفون في السلم 14، ما قيمته 7777 دج، مقابل 11893 دج في منتصف مسارهم المهني، أي في الدرجة 06، لتقفز قيمة الضريبة على الدخل بالنسبة لهذه الفئة في نهاية المسار، أي في الدرجة 12 إلى 16021 دج.