الحجُّ إلى بيت الله الحرام أمنية المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض ومغاربها. فقلوب الكثيرين تهفو ونفوسهم تتوق لرؤية تلك البقاع الطاهرة، رؤى العين وبلا حجاب.. إنّها زيارة أوّل بيت وُضِع للنّاس مهوى الأفئدة.. ومهبَط الوحي.. ومركز الأرض.. ومحل تنزل الرّحمات وتوزيع العطايا.. إنّها الاستجابة لدعوة الخليل إبراهيم ''.. فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ''.. إنّه البيت المبارك .. مبارك مَن زاره فطاف به وصلَّى إليه، ومنه.. إلى مَن تهوى النُّفوس زيارته والصّلاة في مسجده عساهم أن ينالوا شفاعته.. وصُحبته في الآخرة وقد حُرِموا منها في الدُّنيا... إنّه عَبَقُ الماضي برائحته الزكية وأحاديثه الندية... فقد تحدّث أحدهم نفسه فيسرح عقله في الخيال.. يقول.. لعلِّي الآن أجلس أنا حيث كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجلس.. يُربّي يعِظ يذْكُر يتْلُو على أصحابه آخر ما نزل.. وقد يكون مَرّ من ها هنا عمر.. ومَن هناك نادى بلال.. إنّه وبحقٍ حنين القلب إلى مَن يُحِبّ ويهوى فلا يملك وهو على قبره واقف إلاّ أن يَذْرَف دمعاً وهو ينشد قول القائل: يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ فِي الْقَاعِ أَعْظُمَهُ فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَاْلاَكَمُ نَفْسِي الْفِدَاءَ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ يُسلِّم عليه قائلاً: السّلام عليك يا رسول الله.. السّلام عليك يا حبيب الله.. السّلام عليك يا خيرَ خلق الله.. وقتها سيتذكّر ولاشك مَن أوصاه بتبليغ سلامه إلى حبيبه، وأتذكّر هنا وصية الشيخ شيبان رحمه الله لي وقد ذهبتُ لتوديعه ''أعْلَم أنّ الكثيرين قد حمّلوك وصية تبليغ السّلام إلى رسول الله وأنا منهم، فإنّي أعلِّمُك كلمات جامعة تقول فيها: ''يا رسول الله هذا سلامي منِّي إليك ومِن أهلي وأحبابي وجيراني وجميع مَن أوصاني).. وحتّى لا تبقى عقولنا شاردة بعيدة عن أجسادنا ها نحن نعود بكم إلى يوم القُرعة يوم ينادي المنادي.. وهي خاطرتنا القادمة معكم..