من بنى المسجد الأقصى؟ === - قبل أكثر من ستة آلاف عام.. هاجرت قبائل اليبوسيين من موطنهم الأصلي في الجزيرة العربية واستوطنوا مدينة القدس وما حولها.. فعرفت أرض فلسطين بأرض اليبوسيين - غزت قبائل الهكسوس مدينة القدس قرابة العام 1774ق.م.. واستطاع الهكسوس إجلاء حكم الفراعنة وبقايا اليبوسيين في القدس وما حولها وأصبحوا حكامها === مواكبة لأحداث القضية الفلسيطينة وبخاصة مشروع الحفريات الصيهيوني المدبر والمخطط له من طرف كبار حاخامات اليهود لأجل تهويد المسجد الأقصى المبارك وطمس رموز دينية تاريخية. ارتأت »المشوار السياسي« أن تسلط الضوء وتخوض رحلة في تاريخ القدس نسردها لكم على حلقات، نهدف من ورائها إطلاع القارىء العزيز على بعض الحقائق والتفاصيل. إعداد: جمال. ب من بنى المسجد الأقصى؟ عند الشروع في التعرف إلى المسجد الأقصى المبارك، في مفهومه وتاريخه، فإن أول ما نحتاج للإجابة عليه، هو متى بُنيَ المسجد الأقصى، ومن بناه؟ بقيت هذه المسألة شغل العلماء والمؤرخين المسلمين، ووضعوا لتفسيرها عدّة فرضيات مدعومة بقرائن واستقراءات منطقية من الحديث والسنة المشرفة، فوصلتنا من هذه الآراء ثلاثة أقوال، هي: 1 - الملائكة هم من بنوا المسجد الأقصى. 2 - سيدنا آدم عليه السلام. 3 - سيدنا إبراهيم عليه السلام. إلا أنّ الرأي الأول القائل بأن الملائكة هم بُناة المسجد الأقصى، ضعّفه كثير من العلماء، مرجِّحين أن يكون البشر هم بُناة المسجد لا الملائكة، فالملائكة لهم بيتهم وبناؤهم في السماء وهو البيت المعمور المقابل للكعبة المشرَّفة في الأرض. وبذلك نستبعد الرأي الأول، ونبحث في المقارنة بين فرضيّتي سيدنا آدم وسيدنا إبراهيم عليهما السلام. وللانطلاق في هذا البحث نعود إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر، قال: قلت يا رسول الله، أي مسجدٍ وضع في الأرض أولاً؟ قال: »المسجد الحرام«، قلت: ثم أي؟ قال: »المسجد الأقصى«، قلت: كم بينهما؟ قال: »أربعون سنة« (متفق عليه). بالإستناد إلى هذا الحديث، فإننا نستطيع الإجابة على سؤال: متى بني الأقصى؟ فنقول أنه بني بعد بناء المسجد الحرام بأربعين سنة كما ثبت بالحديث الصحيح. أمّا كلمة »وُضع« التي جاءت في الحديث الشريف، فإنها تؤشّر بوضوح على معنى: »التسمية والتحديد« لتلك البقعة المباركة، وتخصيصها بكونها مسجداً لله دوناً عن ما جاورها من الأرض. أصحاب الرأي القائل أن إبراهيم عليه السلام هو الباني للمسجد الأقصى، يستدلّون على ذلك بأن القرآن الكريم ذكر قصة بناء الكعبة المشرفة على يد إبراهيم عليه السلام ويرون بما أن المسافة الزمنية ما بين بناء المسجدين هي أربعون سنة، فإن الباني واحد وهو سيدنا إبراهيم. ويدعمون رأيهم بأن إبراهيم عليه السلام كان يعيش في الأرض المقدسة (فلسطين) وثبُت تاريخياً أنه دخل المسجد الأقصى وصلى فيه، والتقى بملك اليبوسيين الصالح »ملكي صادق«. يقول تعالى: »وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ« (127: البقرة). لكن الآية الكريمة أساس الإستدلال، تقطع بوضوح، أنّ سيدنا إبراهيم حين بنى الكعبة فإنه رفع قواعد كانت موجودة أصلا في المكان، فكان بناء إبراهيم للكعبة بناء ترميم وتجديد، وليس بناء إيجاد من العدم، مما يؤشر على أن الكعبة كانت مبنية قبل إبراهيم عليه السلام ومما يعزّز هذا الرأي، قوله عز وجل في سياق قصة ارتحال إسماعيل عليه السلام رضيعاً مع أمه إلى مكة: »رَبّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ« (إبراهيم: 37). حيثُ سمّى إبراهيم عليه السلام منطقة مكةالمكرمة بالبيت المحرَّم دلالة على وجود الكعبة المشرفة في ذلك الوقت الذي شهد ولادة ابنه إسماعيل، ومعلوم أنّ إسماعيل قد شارك والده في بناء البيت الحرام. بالتالي تسقط بالإستناد إلى النص القرآني فرضية بناء سيدنا إبراهيم للمسجد الأقصى، ويثبُت أن المسجد بني قبله عليه السلام، مرجّحاً بذلك فرضية بناء آدم عليه السلام للمسجد الأقصى. وفي بحث للمحاضر في كلية الهندسة بجامعة النجاح الوطنية الدكتور هيثم الرطروط نشرته مجلة دراسات بيت المقدس في عددها الصادر عام 2005، اكتشف الدكتور الرطروط تشابهاً هندسياً تاماً ما بين بناء الكعبة المشرفة وبناء المسجد الأقصى المبارك، وباستخدام برامج هندسية ثلاثية الأبعاد وبإهمال المساحتين المختلفين للكعبة والمسجد الأقصى، وضَّح الرطروط بالخرائط والصور تطابقاً تاماً في زوايا البنائين الأربعة. مما يدعم بمزيد من الأدلة العملية فرضية بناء آدم عليه السلام للمسجدين وتحديد حدودهما، بوحي من الله عز وجل، وهي الحدود التي ما زال المسجد الأقصى يحتفظ بها حتى يومنا. اليبوسيون والكنعانيون كان العرب اليبوسيون أول من حفِظ التاريخ الإنساني سكنهم في القدس، فقديماً لم تكن أنواع الكتابة والتدوين قد اكتشفت بعد، وبقي الاعتماد في دراسة التاريخ على الأحافير كمصدر وحيد إلى أن اكتشفت الكتابة وابتدأ التأريخ الإنساني، وكان ذلك قبل أكثر من ستة آلاف عام حين هاجرت قبائل اليبوسيين من موطنهم الأصلي في الجزيرة العربية واستوطنوا مدينة القدس وما حولها، فعرفت أرض فلسطين بأرض اليبوسيين، الذين سُجّل لهم إنشاء عاصمة دولتهم في مدينة القدس، حيث كانت تعرف آنذاك باسم »يبوس« أو »أورسالم«. وبالتزامن مع اليبوسيين هاجرت قبائل العرب الكنعانيين من جزيرة العرب إلى فلسطين، وهاجر الفينقيون الذين كانوا من بطون الكنعانيين العرب أيضاً، وتركز وجود هؤلاء في مناطق الشمال الفلسطينية، وأسسوا في فلسطين ما يزيد على مئتي مدينة كانت أبرزها »يبوس« القدس التابعة لليبوسيين، إضافة إلى »شكيم« نابلس، و»حبرون« الخليل. كما عاش في فلسطين في ذات الفترة، شعب العموريين أو الأموريين، وهي قبائل عربية نتج عنها على مدى مئات السنين شعب الهكسوس الذي كان له دور بالغ الأهمية في مدينة القدس. جدير بالإشارة أن أقوام »اليبوسيين« الذين حكموا القدس كانوا وثنيين غير مؤمنين، ومن هنا لا يأتي الاستشهاد بسكنهم لمدينة القدس من باب الفخر بأن العرب كانوا أول من سكن هذه المدينة، إنما يأتي في سياق دحض الافتراءات اليهودية التي تدّعي أنّ اليهود هم سكان القدس الأصليون، وأنهم أول من عمّر المدينة المقدسة وسكنها، مزيّفين بذلك فترة تاريخية هامة تمثلت بهذه الشعوب العربية التي سبق وجودها في القدس الوجود اليهودي بأكثر من 1500عام. الهكسوسو الفراعنة غزت قبائل الهكسوس مدينة القدس قرابة العام 1774ق.م ، ضمن حملة كبيرة قامت بهذا هذه القبائل لغزو مصر والشام، واستطاع الهكسوس إجلاء حكم الفراعنة وبقايا اليبوسيين في القدس وما حولها، وأصبحوا حكامها. ووفق المصادر التاريخية فإن سيدنا إبراهيم عليه السلام عاصر الحكم الهكسوسي للقدس، ودخل المسجد الأقصى وبعض المدن المحيطة بالمدينة المقدسة. وتحت حكم الهكسوس للمدينة ظهر سيدنا يعقوب وإسحاق عليهما السلام وظهر بنو إسرائيل جنوبي النقب (صحراء فلسطين) إلى أن ارتحلوا مع سيدنا يوسف إلى مصر كما ورد في القرآن الكريم. وعاش نسل يعقوب عليه السلام قرابة 150 عاماً في مصر تحت حكم الهكسوس الذين كانوا يعطون رعيتهم حرية دينية، إلى أن ضعف الهكسوس وهزموا على يد الفراعنة وطردوا من أرض مصر والشام، وأصبحت مدينة القدس تحت الحكم الفرعوني، الذي تميّز بالاضطهاد الديني والسياسي، وعمِد الفراعنة إلى صياغة حكم ذاتي لمدينة القدس موالي للدولة الفرعونية وحاكماً باسمها. وإحقاقًا لسنة الله في الأرض، بدأت الدولة الفرعونية تضعف تدريجياً وتتقلص مساحتها، بفعل التناحر العرقي والتناحر على الملك داخل الدولة، وعادت أجيال اليبوسيين والكنعانيين إلى لملمة صفوفها من جديد، والاهتمام بزيادة تسليحهم وقوتهم إلى أن استطاعوا الاستئثار بحكم القدس وما حولها من جديد، والانخلاع تدريجياً من سلطة دولة الفراعنة. تميّزت أجيال اليبوسيين والكنعانيين العرب في تلك الفترة بالشدة والغلظة، وقد أشار القرآن الكريم إليهم في معرض قصة بني إسرائيل في القرآن الكريم: »قَالُوا يَا مُوسَى، إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ« (المائدة: 22). يتبع... تقرأون في الحلقة الثانية: بنو إسرائيل ومدينة القدس ==== أخطار تواجه الأقصى ليست القدس كأي مدينة أخرى، ففيها المسجد الأقصى الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: »سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير«، والذي يعتبر ثاني مسجد يوضع لعبادة الله في الأرض كما ورد عن الصحابي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه الذي قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أولا؟ قال »المسجد الحرام«. قلت: ثم أي؟ قال: »المسجد الأقصى«. قلت: كم بينهما؟ قال: »أربعون عاماً«. فهو خلال أكثر من 40 عاماً يتعرض للاعتداءات. لكن خطورة الاعتداءات الحالية تكمن في كونها تمثل استمراراً لتهويد القدس. وتقوم إسرائيل بتبني وتفعيل هذه السياسة علناً وتعلن ذلك في وسائل إعلامها دون ردة فعل عربية، والأهم أن هذا الأمر يتم بدعم قوي من أثرياء اليهود في الدول الغربية، حيث تشير العديد من المصادر إلى أن إسرائيل تنفق ملياراً ومائتي ألف دولار سنوياً على مشروعات تهويد القدس، بينما يقلّ إجمالي ما قدمه العرب والمسلمون من دعم للقدس، خلال عشر سنوات، عن خمسين مليون دولار أغلبها من جمعيات وأفراد لترميم الأماكن المقدسة. طرْد العرب من مدينة القدس، وتهديم منازلهم، وزيادة نسبة اليهود والمستوطنات، وتسريع عمليات البناء الاستيطاني، وتخصيص مبالغ ضخمة لتوسيع عمليات الاستيطان وإزالة المعالم الإسلامية، وزيادة نسبة الكنائس اليهودية.. كلها مؤشرات على حقيقة هذا التوجه وخطورته على القدس. وحسب »مركز القدس للدراسات«، فإن هناك مخططين: الأول »القدس 2020«، والثاني »القدس 2040«، حيث يخطط اليهود لتقليص وجود الفلسطينيين في المدينة إلى 12 في المئة من خلال التهجير ومصادرة ممتلكات السكان وبيوتهم وسحب الهويات منهم. والمشروع الأخطر هو ما يطلقون عليه »30أ/2020« الذي يعطي أفضلية لليهود ويخصص مبالغ تصل مليارات الدولارات لتشييد البنى التحتية والمصانع والمواصلات والقطارات، وسعياً لتشكيل قدس جديدة. مخطط التهويد لم يقف عند أبواب القدس بل شمل أنحاء مختلفة من فلسطين. وحسب وزير الأوقاف الفلسطيني الدكتور محمود الهباش، فقد حولت السلطات الإسرائيلية 17 مسجداً في بلدة صغيرة إلى حظائر وحانات للخمور، وهناك مساجد أغلقت بالإسمنت. وهي تسعى للتعدي على 250 مسجداً بين أثري وجديد. وبعد أن استولت على جزء من المسجد الإبراهيمي، وقامت ببناء كنيس يهودي فيه، تعمل إسرائيل الآن، من خلال شبكة الأنفاق التي تحفرها أسفل الأقصى، على بناء »مدينة يهودية« تحت المسجد لتهديد أساساته بحيث يسهل انهياره. كما أن هناك حملة صهيونية مرافقة لهذا المخطط هدفها تغيير هوية فلسطين التاريخية، ومحو لغتها العربية، وتهديد ثقافة سكانها العرب ووجودهم داخل »الخط الأخضر«.. من خلال شطب الأسماء العربية على معالم الطرق، ولوحات اتجاهات السير، والإبقاء على الاسم العبري فقط للمدن والبلدات الفلسطينية، وأيضاً شطب مصطلح »النكبة«، وكل تاريخ في المناهج المدرسية يربط الفلسطينيين بأرضهم التاريخية. على العرب إنقاذ القدس من مخطط التهويد.. الاكتفاء بالاحتجاج والتنديد ليس حلا، إسرائيل لا تقيم وزناً لأحد، المستوطنات التي طلب أوباما تجميدها مستمرة، واللوبي الصهيوني لعب دوراً كبيراً في تجميد هذا القرار، وجورج ميتشل فشل في مهمته. إسرائيل لا تؤمن إلا بالقوة ولا وجود للسلام في قاموسها السياسي، لأنها كيان ولد بالقوة ومن خلال الحرب.. لكن ماذا عن العرب؟! محمد الباهلي (صحيفة الإتحاد الإماراتية) ========== اعتُمد 15 مليار دولار لتنفيذه »القدس 2020« مخطط صهيوني لتهويد المدينة حذّرت »الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات« من مخطط صهيوني أطلق عليه اسم »القدس 2020« يهدف إلى تهويد المدينة، مشيرةً إلى أنه تمّ رصد أكثر من خمسة عشر مليار دولار أمريكي لتنفيذ هذا المخطط. وقالت الهيئة في بيان صحفي لها نشرته وكالة »قدس برس«: »إن المخطط يسعى إلى ضمّ الكتل »الاستيطانية« المحيطة بالقدس إلى المدينة، إضافة إلى مصادرة العديد من الأراضي«. ولفتت الهيئة النظر إلى أن هذا المخطط يسعى إلى نقل أكثر من 40 ألف مغتصب صهيوني من منطقة الساحل إلى القدس، لتصبح المدينة أغلبية صهيونية، مشيرة إلى أن هذا المخطط »يسعى إلى خفض الوجود الفلسطيني في المدينة، بحيث يصبح بحلول عام 2020 أقل من 12٪، ونسبة اليهود أكثر من 88٪، ما يعني أن القدس سيتمّ تفريغها بالكامل من سكانها العرب الأصليين«. وجدّدت »الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات« دعوتها مجلس الأمن الدولي إلى تطبيق الفصل السابع من »ميثاق الأممالمتحدة« على الجانب الصهيوني، ووقف كل إجراءات تهويد المدينة المقدسة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، من تهجير لأهلها، ومصادرة لأراضيها، وهدم لمنازل المواطنين فيها وعزلها عن محيطها الفلسطيني، والحفريات المتواصلة أسفل المسجد الأقصى المبارك، مبينة أن »الإرهاب« الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق مدينة القدس المباركة ومقدساتها، بلغ حداً لا يمكن السكوت أو التغاضي عنه.