في تمام السابعة مساء وقف، أمس الأول، ما يقرب من مليون ونصف مليون متظاهر في قلب ميدان التحرير، ينتظرون سماع الخطاب الأول للمشير محمد حسين طنطاوي، في شكل يضاهي مشهد انتظار الخطاب الأول للرئيس المخلوع حسني مبارك. ما إن انتهى المشير طنطاوي من تلاوة البيان الذي سرد فيه دور المجلس العسكري في قيادة البلاد في الفترة الماضية، منذ اندلاع الثورة والوقوف بجانبها وراح في خطاب، مدته 24 دقيقة، يذكر أن المجلس العسكري تحمّل العديد من المواقف وأنه لا يطمع في السلطة ويسعى لتسليمها في أقرب وقت، كما أعلن عن قبوله لاستقالة حكومة الدكتور عصام شرف، حتى أعلن المتظاهرون رفضهم البيان وظلوا يهتفون ''ارحل''، ورددوا هتافات ثورة يناير، وشعار ''يا مشير يا مشير لن يرأسنا رئيس أركان''، وما هي إلا ثوان حتى اندلعت الاشتباكات في شارع محمد محمود بين المتظاهرين وقوات الأمن، وامتدت إلى منطقة باب اللوق وشارع الفلكي في شكل مكثف مقارنة بالأيام الأربعة الماضية. قتلى واختناقات بسبب غازات محرّمة دوليا والأمن ينفي وأدى إطلاق الغازات المسيلة للدموع، بشكل مكثف، إلى وصول دخانها إلى غاية ميدان التحرير أين يعتصم المحتجون، ما خلف العديد من الإصابات بالاختناق وحرقة في العيون. وأشار الدكتور جمعة النجار، أحد أستاذة كلية العلوم، الذي كان وسط المتظاهرين، إلى أنه غاز أعصاب محرم دوليا. في الوقت ذاته نفت قوات الأمن استخدامها لهذا الغاز. وطوال ليلة الثلاثاء وحتى الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء، كان المتظاهرون يهتفون ضد المجلس العسكري، وقد ألقى المتظاهرون، في تمام الساعة الثانية صباحا، القبض على شخص قالوا إنه عقيد في جهاز أمن الدولة المحل، وكان بحوزته سلاح ناري وكاتم للصوت وصك بمبلغ 30 ألف جنيه، وسلّم المتظاهرون الضابط بعد أن أوسعوه ضربا، للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المعتصم في الميدان، والذي قام بنقله للمستشفى لتلقي العلاج. المشهد اختلف بعد الثالثة فجرا، قوات من الجيش تقدمت صوب ميدان التحرير من اتجاه ميدان باب اللوق، وهنا تعالت الصيحات والهتافات المناهضة للمجلس العسكري والمشير طنطاوي، ووصلت المدرعات إلى شارع محمد محمود لإيقاف الاشتباكات الدائرة بين الأمن والمتظاهرين والمستمرة منذ أيام. المتظاهرون قرروا الاعتصام داخل ميدان التحرير في القاهرة والقائد إبراهيم بالإسكندرية وعدد من المحافظات ورفضوا فض اعتصاماتهم. وبلغت حصيلة الاشتباكات، أمس، بين المتظاهرين وقوات الأمن حوالي 7 شهداء و300 جريح بعد أن أطلقت الشرطة العسكرية النار على المتظاهرين في ميدان التحرير عندما حاولوا التقدم نحو وزارة الداخلية. وفي الوقت ذاته دعا المتظاهرون لمليونية غدا الجمعة تحت عنوان ''مليونية الشهيد''، وحدد لها ثلاثة مطالب، هى: محاكمة فورية وعاجلة لكل من تورط في قتل المتظاهرين مهما كانت صفته، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات كاملة تتولى إدارة ما تبقى من فترة انتقالية، على أن تنقل إليها جميع الصلاحيات السياسية والاقتصادية، والبدء في هيكلة تامة لوزارة الداخلية، تتضمن حل قطاع الأمن المركزى وضمان محاكمة من تلوثت أيديهم بدماء المصريين. مرشحون للرئاسة يرفضون خطاب المشير ومن جانبه اعتبر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح لمنصب الرئاسة، أن ما جاء في خطاب المشير مخيّب للآمال ومتأخر عن تحقيق مطالب الجماهير التي تُقتل ويصاب منها الكثير يوميا، دون أي اعتبارات إنسانية أو احترام لحقوق الإنسان ومبادئ الدستور التي كفلت حق الاعتصام والتظاهر للمواطنين، وهو ما اتفق معه فيه حازم أبو إسماعيل، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية. وأضاف أبوإسماعيل أن ''المشير لم يتطرق لمطلب محاسبة المسؤولين عن إراقة الدماء في الأحداث الأخيرة، وكذلك في اعتداءات أخرى مشابهة منذ أن تولى المسؤولية، ولم يعلن عن تفاصيل حكومة الإنقاذ الوطني المطالب بتشكيلها، والتي نخشى أن تكون مشابهة في صلاحياتها وأدائها المتخاذل للحكومة المستقيلة''. واعتبر أن الخطاب ''شمل مجموعة مغالطات منها استعادة الأمن، وهو ما يفتقده المواطن المصري منذ انسحاب الأمن في جانفي الماضي. ويتحدث البيان عن وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، بينما لا تزال أعداد المدنيين المسجونين بأحكام عسكرية في 9 أشهر تفوق أعدادهم في ثلاثين سنة من حكم مبارك''. وأضاف ''إن اللحظة الراهنة لا تتحمل إطالة المرحلة الانتقالية وسوء الإدارة السياسية حتى جوان، ولذا فنحن نؤكد على دعمنا الكامل لنضال الشعب لتحقيق أهداف ثورته، حيث إن هذه اللحظة لا تحتمل غير الاستجابة لمطالبه''.