توغلت مسرحية ''في انتظار غودو'' التي اقتبسها المخرج المسرحي محند أويحيى إلى الأمازيغية، عن نص للكاتب الإيرلندي صمويل بيكيت، في عمق المجتمع الجزائري، واحتفظت بالعبث الذي ميّزها، وجعلها تحوز على إعجاب المشاهدين على مر انتقالها عبر مختلف لغات العالم. احتفظ مخرج المسرحية، أحمد خوذي، بنفس الديكور الذي وضعه بيكيت لمسرحيته، وتمثل في الطبيعة الجرداء، والشجرة غير المورقة، والظلام الكاسح. ولم يتخل سوى عن الحفرة العميقة التي تدور فيها شخوص المسرحية، لكن الجو العام لم يتغير، وهو الانتظار، انتظار غودو الذي لا يأتي. وتدور المسرحية حول رجلين يدعيان ''فلاديمير'' و''إستراغون''، ينتظران شخصا يدعى ''غودو''. فمن هو غودو هذا؟ أهو المنقذ، أم الشافي أم من يجعل الحلم حقيقة؟ هل هو الأمل، الفرح، هل هو السعادة؟ هل هو الموت، أم الفراغ، أم اللاجدوى؟ هل هو المستبد، أم الراضي بالاستعباد، أو الزمن الذي يكسر الشخصيات، ويقودها لهلاكها، أم هو العبث؟ كما احتفظت المسرحية التي عرضت أول أمس بالمسرح الوطني الجزائر محي الدين بشطارزي، بنفس أجواء الترقب والتوتر، وسكونية الأحداث، والإبهام الحاصل على مستوى الحوار، والارتباك الملاحظ في الفعل المسرحي، والنابع من ارتباك العالم، واللغة، والعقل، والمنطق. لا يوجد أي اتجاه في المسرحية، ولا معلم يوحي بوجود الخلاص. هناك دوران في الفراغ. والسؤال الذي يطرحه من ينتظر غودو هو: ''هل سيكونان قادرين على الاستمرار أم لا''. ولكن، ما هو السبيل للاستمرار ثانية، دون الغرق في حالة من الوهن والعجز المتأتي عن عدم القدرة على فرض الذات؟ وقدم المخرج أحمد خوذي شخصيات مسرحيته على الشكل التالي: ''شخصيات المسرحية تائهة، تعبت من الانتظار، ولا تملك أي تأثير على الواقع، تحلم بحياة أفضل، لكنها لا تفعل أي شيء كي تغير مجرى حياتها. إنها شخصيات تعيسة، لا حول لها ولا قوة. خضعت للزمن الذي يمضي، وتتعنت رافضة أن تمنح نفسها إمكانية حدوث ما قد يحمل لها لحظة الخلاص''. ورغم قوة المسرحية وقدرتها على مساءلة الواقع الجزائري، لما احتوته من تماه وتداخل مع أسئلة الراهن، إلا أن الجمهور الذي حضر العرض لا يتعدى أصابع اليد.