طوابير بطول كيلومترات واعتصامات بميدان التحرير في أول انتخابات حرة بمعنى الكلمة، تشهدها مصر منذ أكثر من مائة عام، تدفق المصريون بشكل كثيف على مراكز الاقتراع في تسع محافظات ضمن المرحلة الأولى من الانتخابات، وذلك لانتخاب أول برلمان بعد ثورة 25 جانفي. وجرت الانتخابات وسط إجراءات أمنية مشددة تحت إشراف نحو 10 آلاف قاض، ومتابعة أكثر من ثمانية آلاف مراقب من منظمات المجتمع المدني، في ظل رفض المجلس العسكري الرقابة الدولية على الانتخابات. كما شاركت قوات الجيش والشرطة مع عدد من الشباب في تأمين مقر اللجان الانتخابية والقيام على تنظيم الصفوف. توافد 10 ملايين مصري من أصل 17 مليونا مسجلا، بحسب إحصاءات أولية، على مكاتب الاقتراع وقد امتدت الطوابير لكيلومترات أو أكثر في العديد من المناطق، وأعرب الناخبون عن سعادتهم الغامرة بالمشاركة لاختيار ''برلمان الثورة''، رغم الازدحام الشديد والطوابير الطويلة أمام مراكز الاقتراع. وتتجه المؤشرات الأولية المستمدة من الشارع إلى فوز عدد كبير من ناخبين حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان وكذلك ''النور'' السلفي. وتجولت ''الخبر'' في عدد من الدوائر لمتابعة العملية الانتخابية ووجدت نوعا من التعاون من قبل رجال الشرطة والأمن تجاه المواطنين، وشهد عدد كبير من اللجان تأخر بطاقات التصويت وكذلك وجود بطاقات غير مختومة، بجانب تأخر فتح أبواب مقار اللجان لمدة ساعة أو أكثر، وقد قدمت اللجنة العليا للانتخابات الاعتذار عن تلك الأخطاء الإدارية. وقد حررت عدد من المحاضر ضد أحزاب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين، وضد المصريين الأحرار لصاحبه نجيب ساوريس بتهمة تقديم رشاوى انتخابية، ونقل جماعي للناخبين إلى مكاتب الانتخاب. وفي المقابل، استمر متظاهرون في الاعتصام ميدان التحرير لليوم العاشر على التوالي، وقال باسم الشربيني أحد شباب التيار المصري ''إن الاعتصام في الميدان سيظل قائما، وقد أدينا واجبنا في التصويت في العملية الانتخابية ورجعنا إلى اعتصامنا''. وأوضح أنه لا تعارض بين الاعتصام الرافض لاستمرار المجلس العسكري في الحكم وبين الانتخابات التي تجري لتشكيل أول برلمان مصري منتخب يمثل سلطة الشعب المصري. ومن جانبه، نفى الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة ل''الخبر'' قيام الحزب بالدعاية الانتخابية، وقال نحن ملتزمون بالقانون، وأن ما حدث أمام مقار اللجان الانتخابية من توزيع دعاية الحزب إما أن تكون مفتعلة من قبل أشخاص يريدون تشويه الصورة الرائعة للعملية الانتخابية، أو صدرت عن غير قصد من بعض الأشخاص الذين تم التأكيد عليهم بعدم القيام بهذه المخالفة''. وذلك ردا علي ما رصدته عدد كبير من منظمات المجتمع المدني من مخالفة جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة للقانون، وقيامها بالدعاية الانتخابية من خلال توزيع تلك الدعاية والتوجه المباشر للناخبين، ورفض مرسي تصريحات اللواء ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري بأن البرلمان القادم لن يشكل الحكومة، وقال مرسي متحديا ''البرلمان القادم يعبر عن إرادة الشعب وسيشكل الحكومة القادمة''. وقد عمد كل من ''الحرية والعدالة'' وحزب النور لإقامة غرف عمليات مركزية لمتابعة الانتخابات، ومن جانبه اعتبر نادر بكار عضو الهيئة العليا ل''حزب النور'' في حديثه ل''الخبر'' أن المشاركة الأولى للتيار السلفي في الانتخابات البرلمانية والمشاركة السياسية ''ستغير من مستقبل مصر وسيكون لها أثر بارز في المرحلة القادمة''. واعتبر أن ''المشاركة جاءت بفضل الثورة المصرية، وأن وجود التيار الإسلامي في البرلمان القادم مطلوب لأنه سيحدد هوية مصر''. بينما أكد محمد القصاص عضو قائمة الثورة مستمرة وأحد شباب الثورة ل''الخبر'' أن الإقبال على الانتخابات ''مؤشر عن رغبة الشارع المصري في حياة ديمقراطية، وأن النتائج ستكون مفاجئة للأحزاب الكبرى''. وأضاف القصاص وهو أحد المرشحين في الدائرة الرابعة أن ما شهده ميدان التحرير في الأيام القليلة الماضية انتقص من شعبية الأحزاب الكبرى في الشارع.