قرر وزير التربية الوطنية، أبو بكر بن بوزيد، محاربة الرشوة والفساد، ليس باللجوء إلى العدالة بملفات صلبة ضد المفسدين والمرتشين، الذين يمكن أن يكون القطاع الذي يسيره يعاني من مفاسدهم، وإنما بتعريف أبناء الجزائريين والجزائريات بهذه الآفات التي جعلت بلادنا ''تحقق ترتيبا محترما'' في سلم ترتيب الدول التي تنخر خزائنها الأيادي التي تستطيع الوصول إلى ما بداخلها، كما حدث لآلاف ملايير الدينارات لعمال قطاع التربية التي كانت أمانة بين أيدي عمال آخرين من نفس القطاع، لكنهم تصرفوا فيها بغير أمانة. ويتلقى التلاميذ، نهار اليوم الخميس، في مجموع إكماليات وثانويات الجمهورية الجزائرية، درسا تحسيسيا حول مكافحة الرشوة والفساد، وهو الدرس الذي أمرت به وزارة التربية الوطنية تنفيذا للاتفاقية العالمية حول مكافحة الظاهرة وقرار الأممالمتحدة الصادر في أكتوبر ,2003 بتخصيص يوم 8 ديسمبر من كل سنة مناسبة للتحسيس والوقاية من الرشوة. هذا الدرس حددت الوزارة معالمه ومحتواه في مراسلة من ثماني صفحات، موجهة إلى مديريات التربية بالولايات. ومما جاء فيه مثلا، تعريف الابتزاز في الصفحة الثانية، الموجه محتواها لتلاميذ الطور الثاني، وهو أحد مظاهر الفساد التي وجب محاربتها. الابتزاز حسب المراسلة ''يكون لغرض الحصول على المال من الأشخاص مستغلا موقعه الوظيفي وتبريرات قانونية أو إدارية أو إخفاء التعليمات النافذة على الأشخاص المعنيين مثلما يحدث في دوائر الضريبة أو تزوير الشهادة الدراسية أو...''. والسؤال المطروح ماذا يقول ''بعض'' الأساتذة مثلا، في درس الرشوة والفساد اليوم، لتلاميذهم الذين يجبرونهم على الانخراط في الدروس الخصوصية التي يقدمونها لهم مقابل المال، ولا يؤدون واجبهم التربوي، الذي يتلقون مقابله راتبا صار اليوم محترما، في الأقسام. ويعرف التلاميذ وأولياؤهم أنهم مجبرون على الخضوع لذلك. لم يعد سرا في الجزائر أن الرشوة والفساد سيطرا على كل المجالات والفضاءات، وصارت ''قوانينهما'' المعروفة لدى الجميع ''ادهن السير يسير'' أكثر نفاذا من قوانين الجمهورية، ولم تسلم منها حتى أقدسها وهي المدرسة التي كان من شعاراتها في العهد الذي كان التعليم فيه محترما ''كاد المعلم أن يكون رسولا''. أما اليوم، فقد تساوى جزائريون وجزائريات أمام الفساد والمفسدين. ولا شك أن تلاميذ الإكماليات والثانويات سيدهشون نهار اليوم أساتذتهم، قبل أن تلقى عليهم الخطابات حول مخاطر الرشوة والفساد، بكونهم ليسوا في حاجة إلى هذا الدرس لأنهم يعرفون ''التشيبة'' كما يعرفها الجميع لأنهم هم أيضا يعيشون تحت وطأتهما. [email protected]