اندلعت، أمس، حركة احتجاجية ضخمة أمام مقر المديرية العامة لمؤسسة ''تونيك'' لصناعة وتحويل الورق، الكائن مقرها بالمنطقة الصناعية ببوإسماعيل في تيبازة، قادها مئات العمال التابعين ل11 وحدة تابعة للمجمع، بسبب حادث عمل أليم أودى بحياة عامل صيانة بمركب الونشريس بالشعيبة. انتفض مئات العمال التابعين للمجمع، زوال أمس، وحاصروا مقر المديرية العامة لمؤسسة ''تونيك'' للصناعة، واستمروا في الاحتجاج إلى أن خرج إليهم المدير العام الجديد، واستمع إلى انشغالاتهم التي ارتكزت على ضرورة توفير الحماية ورفع الأجور ووقف التعسف وتطوير معايير السلامة، وكذا الحفاظ على مكتسبات الشركة. وحسبما ذكره شهود عيان ل''الخبر''، فإن الاضطرابات اندلعت مباشرة عقب مقتل عامل صيانة، أب لطفلين، كان يقوم بتنظيف قطع غيار وأجزاء هامة من ماكنة صناعة الورق المحول التي كانت مشتغلة، لكنه قام بحركة كلفته السقوط على البساط الذي سحبه بسرعة، ثم التقطه جهاز تدوير سرعته 400 دورة في الدقيقة، فتعرض لدوران قاتل، قبل أن يتم توقيف الماكنة اضطراريا، ليسقط الضحية ممزق الأطراف. وكان الحادث بمثابة القطرة التي فجرت غضب العمال الذين انتفضوا ونظموا حركة احتجاجية، وأضربوا عن العمل، وقاموا بغلق الباب الرئيسي لمجمع الونشريس ببلدية الشعيبة، وبعدها التحق بهم عشرات العمال التابعين لوحدات أخرى، وهي وحدة ''لا ''40 و''ميتسو'' للورق الصحي، ووحدة ''كوفارتير''، غير أن الاحتجاج توسع عند الظهيرة ليشمل باقي الوحدات، ثم تطور إلى أن نزل المئات من العمال إلى المنطقة الصناعية. واستغل بعض العمال والتقنيين الفرصة للتعبير، ل''الخبر''، عن سخطهم من ظروف العمل المحفوفة بالمخاطر، حيث قالوا: ''إن ماكنة ''لاينر'' التي تعتبر القلب النابض للمجمع والمصنفة في المرتبة الثانية في إفريقيا، تعاني من إهمال كبير، ومن الأولى أن تحظى باهتمام خاص''، حيث كان من الأولى، حسب محدثينا: ''توقيفها قبل أن تخضع إلى صيانة، فمن غير المعقول أن تبقى ماكنة مشتغلة بسرعة فائقة ويلزم العمال بصيانتها''. وأجمع الغاضبون على ''أن وسائل الحماية والأمن منعدمة تماما بسبب الإهمال الذي طال معظم الوحدات التي تشغل أزيد من 2500 عامل''. النقابة تندد وتهدد من جهته، ندد الأمين العام للنقابة الوطنية المستقلة لعمال صناعة وتحويل الورق والتغليف، عركات رشيد، بالحادث الأليم الذي أودى بحياة العامل. وقال إن ما جرى في مصنع ''تونيك'' مرشح لأن يتكرر في باقي مصانع تحويل الورق إذا لم يتدخل وزير الصحة ووزير العمل لإيفاد لجنة تحقيق في ظروف العمل الصعبة للعمال الذين يقومون ''بأعمال تفوق طاقة البشر''، حسبه، ودون متابعة طبية على مستوى هذه المصانع التي تتمسك إدارتها بنمط 3 8 التي تفرض العمل 5 أيام متتالية ليلا ثم نهارا ومساء، نظير راتب لا يتجاوز 20 ألف دينار. ويتابع قائلا إن المهم بالنسبة لأصحاب هذه الشركات هو الحصول على أكبر مردودية بأقل عدد ممكن من العمال. وأضاف المتحدث بأن هذا التحايل تسبب، على مدار السنوات الماضية، في حوادث خطيرة نتيجة الإرهاق ونقص التركيز، وسيزداد الوضع سوء في حال عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة لإنقاذ حياة العمال من الخطر، وعلى رأسها منع العمل لأكثر من يومين متتابعين ليلا، وإتباعهما بيومين راحة على الأقل، إلى جانب تدعيم تعداد العمال بفرق إضافية لتخفيف أيام العمل ليلا، مع إلغاء العمل الليلي عندما تتاح الفرصة. كما أكد مصدرنا على ضرورة تكثيف الرقابة الصحية على العمال وتفقدهم 3 مرات في السنة لمعرفة مدى قابليتهم لمواصلة العمل على الآلات، وطالب أيضا بعطلة سنوية مدتها 6 أسابيع لضمان الاسترجاع، ورفع مستوى الأجور التي لا تتوافق مع حجم وطبيعة العمل في المصانع. ويرى عركات بأن عاملا يأكل وجبة غداء تتمثل في خبز وقطعة جبن نظرا لضعف راتبه الشهري، لا يمكنه أبدا أن يصمد أمام انعكاسات التعب والغبار والمواد الكيميائية والضجيج الحاد للآلات، ومعظمهم يعاني من أمراض مزمنة.