على المسلمين أن يتّخذوا آخر السنة وقفة لمحاسبة النّفس بعد أن كتب الله لهم عيش سنة بكاملها، فيقف المسلم مع نفسه فيحاسبها قبل أن تحاسب يوم القيامة بين يدي الله الواحد القهار، فإن أحسنت حمِد الله تعالى وسأله من فضله، وإن أساءت استغفره وتاب إليه وردّ المظالم لأهلها وعزم على عدم العودة إلى المعصية وإلى الحرام في السنة الموالية، فيكون بذلك قد طوى صفحة قديمة وفتح صفحة بيضاء جديدة يدخلها وهو موقن بضرورة الرجوع إلى الله وإتيان أوامره واجتناب نواهيه، فيحقّق العبودية لربّه جلّ وعلا والّتي ما خلق إلاّ من أجلها. قال تعالى: {وما خلقتُ الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون} الذاريات .56 وقد أمرنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بمخالفة اليهود والنّصارى وسائر المشركين فيما لم يثبت في شريعتنا، ومَن تشبَّه بقوم فهو منهم، وإنّ المرء مع مَن أحبّ، فلا يجوز الاحتفال بأعياد المشركين من اليهود والنصارى، فليس للمسلمين عيد سوى عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك، وما يفعله بعض المسلمين من الاحتفال بعيد المسيح وعيد رأس السنة الميلادية مُحرَّم في الإسلام. فلا يجوز مشاركتهم في طقوسهم كما يفعل البعض، حيث يشترون حلويات مخصوصة أعدّت لتلك الاحتفالات، وقد وصل الحد ببعضهم إلى الدخول إلى كنائسهم لمشاركتهم في الاحتفال،ما أورث الذل والمهانة في الأمّة الإسلامية الّتي شرّفها الله تعالى بنعمة الإسلام، فقد قال سبحانه وتعالى: {إنّ الدّين عند الله الإسلام} آل عمران .19 وقال تعالى: {ومَن يبتَغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبَل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} آل عمران .85 وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما سمع بي يهودي ولا نصراني ولم يؤمن بي إلاّ حرَّم الله عليه الجنّة'' رواه مسلم. فكيف بمَن دخل الإسلام وذاق حلاوة الإيمان بالله واتّبع شريعة المصطفى، صلّى الله عليه وسلّم، الناسخة لجميع الشّرائع السابقة، أن يمرغ أنفه في التراب ويرجع عن دينه، دين الحق؟ ولعمرك إن هذا لدليل على الشّقاء والضلال. فليبادر كلّ مسلم إلى التوبة الصّادقة، وليسارع كلّ مَن رجع عن دينه إلى النُّطق بكلمة التّوحيد: لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، والعمل بمقتضاها قبل فوات الأوان. إنّ تقليد المسلم الكافر في احتفاله برأس السنة الجديدة أو في احتفاله بذكرى ميلاد المسيح عليه السّلام محرّم شرعاً، فما شُرع مثل ذلك، وما يتبعه من أعمال مخالفة للشّرع على الإطلاق. ومن المؤسف أن تباع حلويات مخصوصة في بلاد الإسلام لتشترى ويقام الاحتفال في بيوت المسلمين، وما علموا أنّهم بفعلهم ذلك يشوّهون عقيدة أطفالهم ليشبعوهم بمظاهر مزيّفة من عقيدة أعدائهم، في حين وجب على المسلمين اليقظة من غفلتهم للدفاع عن عقيدتهم الداعية إلى توحيد الله بالعبادة وإلى دينهم الحق، في الوقت الّذي أخذت بعض الحملات التنصيرية تحفر خنادق تحت أقدام أمة الإسلام والله جلّ وعلا. فليتق الله المؤمنون، وليعلموا أبناءهم قيم دينهم مثل المحبّة والتّراحم والتّعاون والبرّ والتّقوى، والتّميّز بشخصية مسلمة نظيفة نقية معتزة بإسلامها متمسكة بعقيدتها، عاملة على ترسيخ التّميّز بين المسلم وغيره، لأنّه ليس كالإسلام ديناً ولا نظاماً ولا أخوة ولا إنسانية. والمسلم يؤمن بالله وكتبه واليوم الآخر والقدر، خيره وشرّه، ويؤمن برسله، ومن بين تلك الرسل عيسى عليه السّلام، نؤمن بأنّه مرسل من عند الله، دعا إلى توحيد الله، وقد رفعه الله إليه لينزل في آخر الزمان، ويحكم بشريعة محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، هذه هي عقيدتنا في عيسى عليه السّلام، ولا يجوز سبُّه ولا الطعن فيه، وإنّما يحرم أن يدين المرء بغير دين الإسلام كالنّصرانية واليهودية، والله يهدي إلى سواء السّبيل.