ما هو مدى صحّة دعوة الأديان والمتضمّنة جواز التّعامل مع اليهود والنّصارى وغيرهم دون تحفّظ، وكذا جواز الاحتفال بأعيادهم، وجواز بناء الكنائس والبيع في بلاد المسلمين؟ يجب أن يعلَم كلّ أحد أنّه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنّه خاتمة الأديان وناسخ لجميع الشّرائع، قال تعالى: {ومَن يَبْتَغِ غيرَ الإسلامِ دينًا فَلَن يُقبَل منهُ وهو في الآخرة منَ الخاسرينَ}، آل عمران .85 والقرآن الكريم هو آخر كتب الله نزولاً، وأنّه ناسخ لكلّ كتاب أنزل من قبل، قال تعالى: {وأنزَلْنَا إليكَ الكتابَ بالحقِّ مُصدِّقًا لمَا بينَ يديْهِ منَ الكتابِ ومُهَيْمِنًا عليه فاحْكُمْ بينَهُم بمَا أنزَلَ اللهُ ولاَ تتَّبِعْ أهواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ منَ الحقِّ}، المائدة .48 ولا يخفى أنّ التوراة والإنجيل قد لحقهما التّحريف والتّبديل، قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِّيثَاقَهُم لَعَنَّاهُمْ وجَعَلْنَا قُلُوبَهُم قاسيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بهِ ولاَ تزالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ منهُم إلاَّ قليلاً مِّنْهُم}، المائدة .13 ولهذا، فما كان منهما صحيحًا، فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك، فهو محرّف أو مبدّل. وقد ثبت عن النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، أنّه غضب حين رأى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقيّة؟ لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعهُ إلاّ اتّباعي''، أخرجه مسلم. فنبيُّنا محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، هو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال تعالى: {مَّا كانَ محمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّنْ رِّجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}، الأحزاب .40 وهو مبعوث للنّاس أجمعين كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً للنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أكْثَرَ النَّاسِ لا يعلمون}، سبأ .28 فكلّ مضن لم يدخل في الإسلام من اليهود والنّصارى وغيرهم وقد سَمِع ببعثه محمّد، صلّى الله عليه وسلّم، وما جاء به من الحق، فهو من أهل النّار، قال تعالى: {إنَّ الَّذِينَ كَفرُوا مِنْ أهلِ الكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ في نَارِ جهنَّمَ خالدِينَ فيها أولَئِكَ هُم شَرُّ الْبَرِيَّةِ}، البيّنة .6 وقال صلّى الله عليه وسلّم: ''والّذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة، يهودي ولا نصراني، ثمّ يموت ولم يؤمن بالّذي أرسلتُ به، إلاّ كان من أهل النّار''، أخرجه مسلم. وبناء على هذا كلّه، فإنّ الدعوة إلى وحدة الأديان والتّقارب بينها وصهرها في قالب واحد، دعوة باطلة، ولا يجوز لمسلم العودة إلى هذه الفكرة الآثمة الّتي لها أغراضها البعيدة المدى على جميع المستويات، السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، إلاّ ما كان من أجل الحوار العلمي البنّاء في إطار الدعوة إلى الله وإقناع غير المسلمين بأنّ الإسلام هو الدِّين الحق. كما لا يجوز مشاركة المسلم لغيره من اليهود والنّصارى في احتفالاتهم الّتي يقيمونها في الكنائس والبيع وغيرهما.