لم يكن الطالب الجامعي عصام ابراهيم، يدري أن إبحاره في مواقع جهادية على الأنترنت سيكلفه السقوط بين أيدي عصابات صناعة الموت في الجزائر. عصام، شاب متعلم، وجد نفسه يتواصل مع عناصر إرهابية تنشط في منطقة الساحل، بعد أن دفعه الفضول لدخول غرف ''البالتوك'' سنة 2009، حيث أصبح يتردد على غرفة أنصار المجاهدين. كان عصام الذي ينحدر من ضواحي العاصمة، يعيش حياة مستقرة وسط أفراد عائلته، أغلبهم مثقفون، غير أن خبرته في مجال استعمال أجهزة الإعلام الآلي حوّلت حياته إلى كابوس، بعد أن أصبح ضمن قائمة المطلوبين من قبل مصالح الأمن، خاصة بعد أن وردت لديها معلومات مفادها بأن كتيبة الملثمين الإرهابية للجماعة السلفية للدعوة والقتال التي تنشط بمنطقة الجنوب ودول الساحل بقيادة الإرهابي مختار بلمختار، وبسبب افتقارها إلى عناصر دعم ذوي خبرة في استعمال أجهزة الإعلام الآلي، تحاول تجنيد أشخاص يملكون مهارات في مجال الإعلام الآلي من أجل تحسين تحكمهم في شبكة الأنترنت ونشر مقاطع فيديو لنشاطهم الإرهابي، بالإضافة إلى بعث نشاط التجنيد عبر المواقع الجهادية، مستهدفين فئة المسلمين المقيمين في دول أوروبية للقيام بعمليات إرهابية في الخارج والحصول على الدعم اللوجستيكي. وتأثر الطالب عصام بالفكر الجهادي، بعد مرافقته لأبناء حيه وتردده على أحد مساجد العاصمة، ومنذ ذلك، وهو يسعى لإيجاد طريقة أو شخص يساعده في الالتحاق بالجماعات الإرهابية التي تنشط في الجزائر، غير أنه لم يوفق. ولكونه يجيد استعمال أجهزة الإعلام الآلي وشبكة الأنترنت، فقد قرر الإبحار في المنتديات الجهادية للبحث عن طريق للتواصل مع عصابات صناعة الموت التي تنشط في الجزائر. وكان ''البالتوك'' أول موقع يدخله عصام الذي أصبح يتردد من خلاله على غرفة دردشة خاصة بأنصار المجاهدين، التي يتردد عليها الأشخاص الحاملون للفكر المتطرف، ليتعرف على شاب جزائري ينحدر من إحدى الولايات بالشرق الجزائري، الذي ورّطه في التسجيل بغرفة دردشة تدعى ''التوحيد والجهاد''، التي تجمع بين أفراد لديهم اتصالات تجمع بين مختلف الجماعات الإرهابية الناشطة في كل الدول. وهنا وجد عصام نفسه داخل نفق بلا مخرج، ليصبح ضحية بين أيدي جماعة إرهابية تنشط في جنوب البلاد ودول الساحل، حيث أسندت له مهمة نشر العمليات التي يقومون بها على مواقع الأنترنت، من بينهما نشر صور في المنتديات الجهادية، لآثار قصف القوات الموريتانية على المواطنين، وذلك من أجل كسب تعاطف الشباب المتحمسين للالتحاق بتنظيمهم الإرهابي، إضافة إلى تحميل المناشير الخاصة بكيفية تصنيع المتفجرات من الأنترنت وإرسالها إلى الجماعات الإرهابية، وإعادة نشر صور ومقاطع فيديو للعمليات الإرهابية عبر العالم من الأنترنت وإرسالها له قصد استغلالها في إنشاء مجلة إلكترونية. وفوق ذلك أوكلت لعصام مهمة أخرى وهي التكفل بالبحث في مواقع التعارف، عن أشخاص أجانب مقيمين في مالي والنيجر ومحاولة الحصول على عناوينهم في تلك الدول من أجل ترصدهم واختطافهم لطلب فدية من الدول الأجنبية. ومن خلال نشاط هذا الشاب على الشبكة العنكبوتية، تم أيضا ربط علاقات بين عدد من الشباب المثقف في مختلف الدول، من بينهم شاب من جنسية بحرينية كان عضوا في غرفة الدردشة التوحيد والجهاد، انتقل إلى الجزائر من أجل الالتحاق بمعاقل الجماعات الإرهابية التي تنشط في الساحل، إضافة إلى ثلاثة شبان من المغرب وفرنسا والعراق. ولم ينته دور عصام عند هذا الحد، بل قام بفتح علبة إلكترونية جديدة ضمن منبر الأنصار، تمكّن من خلالها من ربط الاتصال بشخصين من الصومال ينتميان إلى حركة شباب المجاهدين، وأخرى في شبكة الشموخ التي كان يستعملها في نشر مقالات جهادية حول الجماعات المسلحة في الجزائر. وكان عصام ينشط أيضا ضمن شبكة التواصل الاجتماعي الفايسبوك، حيث تعرف على شخص من أصل مغربي يقيم بإيطاليا، تم تجنيده للالتحاق بمعاقل الجماعات الإرهابية التي تنشط في الساحل. وكانت الجماعات الإرهابية راضية عن نشاط عصام لدرجة أنها وعدته بفتح مكتب له للترجمة في دولة مالي وتطوير مجالهم الإعلامي، وكذا جمع المعلومات ورصد الأجانب المقيمين في مالي. غير أن رحلة عصام التي غامر فيها بمستقبله انتهت بإلقاء القبض عليه حسب مصادر ''الخبر'' نهاية العام الماضي، وهو اليوم يواجه تهما من العيار الثقيل تتعلق بالانتماء إلى جماعة إرهابية مسلحة تنشط داخل وخارج الوطن، التخطيط لضرب مصالح أجنبية خارج التراب الوطني، وعدم التبليغ عن إرهابيين مبحوث عنهم والإشادة بالأعمال الإرهابية.