من مآثر العرب اهتمامهم بحفظ الأنساب، فقد كانوا يتفاخرون ويتباهون بأمجاد الأجداد. وقد قصَّ الله تعالى علينا حالهم في سورة التكاثر بقوله: {ألْهَاكُمْ الْتَكَاثُر حتَّى زُرْتُم الْمَقَابِرِ}. نزلت هذه الآية كما جاء عن الإمام ابن كثير في تفسيره، في قبيلتين من قبائل الأنصار بن حارثة وبن الحارث، تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما فيكم مثل فلان بن فلان بن فلان، وقال الآخرون مثل ذلك، تفاخروا بالأحياء ثمّ قالوا: انطلقوا بنا إلى القبور. فجعلت إحدى الطائفتين تقول: فيكم مثل فلان، يشيرون إلى القبور، ومثل فلان، وفعل الآخرون مثل ذلك. فأنزل الله تعالى: {ألْهَاكُمْ الْتَكَاثُر حتَّى زُرْتُم الْمَقَابِرِ}. وقال قتادة في هذه الآية الكريمة: ''كانوا يقولون: نحنُ أكثر من بني فلان ونحن أعد من بني فلان، وهُم كلّ يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله مازالوا كذلك حتّى صاروا من أهل القبور كلّهم''.. والصحيح أن المراد بقوله تعالى: {زُرْتُمْ الْمَقَابِر}، أي صرتم إليها ودفنتم فيها. وسيّدنا محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرّة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم، وأم إسماعيل هاجر من ''أم العرب''، قرية كانت أمام الفرما من مصر. وعبد المطلب جَدُّ الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وسلّم من أبيه عبد الله عليه السّلام، هو ابن هاشم بن عبد مناف الّذي تولَّى عن أبيه السِّقاية والرِّفادة، سافر إلى الشّام في تجارة، حيث توفيَ في غزّة (فلسطين) سنة 524م.