استبعد سفير الجمهورية العربية الصحراوية في الجزائر، السيد إبراهيم غالي، أن يكون للتقارب بين الجزائر والمغرب، على خلفية زيارة وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني إلى الجزائر، أي تأثير على موقف الجزائر حيال القضية الصحراوية. الذي قال عنه بأنه مبدئي ولن يتغير، وأشار الدبلوماسي الصحراوي بأن بناء الاتحاد المغاربي بصورة صحيحة مرتبط بحل القضية الصحراوية، ومنح الشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير. تعرف العلاقات الجزائرية المغربية في الآونة الأخيرة حركية جديدة، وكانت هناك زيارة لوزير الخارجية المغربي إلى الجزائر. كيف ترى الحكومة الصحراوية وجبهة البوليساريو هذا التقارب؟ - أولا وقبل كل شيء، لا بد أن نضع القضية الصحراوية في إطارها التاريخي والقانوني، فهي قضية تصفية استعمار، وبين أيدي الأممالمتحدة، وكذلك مدرجة في اللجنة الرابعة الأممية لتصفية الاستعمار.. في سنوات السبعينيات لما كان الشعب الصحراوي يتأهب لجني ثمار كفاحه ضد الإسبان وقع تآمر على حق هذا الشعب المعترف به دوليا، عبر اتفاقية مدريد المشؤومة بين المغرب ونظام ولد داداه في موريتانيا والإسبان، وما ترتب عنها إلى اليوم من مآسي. فأمامنا تجربة 37 سنة من احتلال المغرب للصحراء الغربية، والتي أظهرت أن مفتاح بناء المغرب العربي، على أسس صحيحة ونهائية، يمر حتما عبر حل عادل للقضية الصحراوية، بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره. وأظهرت ال37 سنة الماضية أن ما عرقل الاتحاد هو الغزو والاحتلال المغربي للصحراء الغربية. ومادام هناك احتلال قائم فمن الصعب التحدث عن مغرب عربي على أسس متينة. ألا ترون أن التقارب بين الجزائر والمغرب يمكن أن يحل هذه القضية؟ - نرى أن قضية الصحراء الغربية هي قضية دولية، لا يمكن حلها بصفة ثنائية بين الجزائر والمغرب، ولا في إطار المغرب العربي، بل عبر الأممالمتحدة، واستكمال مسار تصفية الاستعمار. وأملنا أن المجهودات التي تبذل، سواء على الصعيد الثنائي أو الخماسي أو السداسي، أن تكون من أجل إقناع المملكة المغربية للرجوع إلى جادة الصواب، من خلال تطبيق الشرعية الدولية، واحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، ووقف استنزاف ثروات الصحراء الغربية. ونحن متشبثون بأن يكون حل القضية الصحراوية عبر احترام القانون الدولي، وبناء المغرب العربي بكل مكوناته، بما فيه الجمهورية الصحراوية، هو النهج الصحيح لهذا البناء. والجمهورية الصحراوية هي عامل توازن واستقرار في المنطقة. ألا تتخوفون كصحراويين بأن تغير الجزائر موقفها من القضية، أو يتراجع في حال كان هناك تطبيع حقيقي بين الجزائر والمغرب في المستقبل، في إطار هذا النسق الذي تشهده جهود التقارب بين البلدين؟ - لنا ثقة كاملة ومطلقة في ثبات الموقف الجزائري. والجزائر على بينة بخلفيات الموقف المغربي.. الجزائر موقفها مبدئي، ولم ولن يتأثر بالضغوط. الضغوطات مورست على الجزائر في سنوات الوهن وأيام الإرهاب، حيث عمل المغرب على زعزعة استقرار الجزائر، وتعاون مع الإرهاب والإرهابيين لخنق الجزائر لكنه لم يفلح. والجزائر موقفها ثابت منذ الاستقلال حيال النزاع، وفي مرحلة معينة موقفها تبناه الحسن الثاني وولد داداه، لكنهما تنكرا لهذا الموقف، وقررا غزو الشعب الصحراوي. الجزائر بقيت منسجمة في مواقفها، ومع مبادئها منذ الاستقلال إلى اليوم، ولا نخاف أن يتأثر موقفها بالتقارب مع المغرب أو بضغوط أخرى. المغرب حاول الربط بين القضية الصحراوية وتطبيع العلاقات مع الجزائر، ونحن ندرك خلفية هذا التطبيع، الذي هدفه ذبح الشعب الصحراوي وحرمانه من حقه. ونحن نعرف بأن سعي المغرب لأن تكون له علاقات جيدة مع أمريكا أو فرنسا أو الاتحاد الأوروبي أو دول الخليج، هدفها كلها القضاء على الشعب الصحراوي وحقوقه الثابتة، وغير القابلة للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. لكن هذا لا يمكن أن ينطلي على الجزائر، فموقفها ثابت فيما يتعلق بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. أما بخصوص قضية فتح الحدود فهي مرتبطة بعدد من الملفات الأخرى، لكن ما نتحفظ عليه في حال فتح الحدود والتطبيع، هو هل سنرى منتوجات وثروات الشعب الصحراوي تباع في أسواق دول المغرب العربي التي ينهبها المغرب؟ أو نرى منتوجات هذه الدول في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، المستعمرة من طرف الاحتلال المغربي، والتي تشرف الأممالمتحدة على عملية تصفية الاستعمار فيها؟ لكن الكل يعرف النوايا الخسيسة والسيئة للمغرب. إذا كان التقارب المغربي الجزائري لن يحل القضية الصحراوية، وحلها يكون عبر الأممالمتحدة، تبقى القضية الصحراوية دون حل أيضا في الهيئة المتحدة. وحتى اللقاءات الثنائية التي تعقد بمنهاست لم تأت بجديد فما تعليقكم؟ - للأسف، المنظمة لم تتحمل مسؤولياتها حتى الآن في إقناع الطرف الآخر، المغرب، للانصياع للقانون الدولي والشرعية الدولية. هناك مجهودات محتشمة عبر إشراف الأممالمتحدة على مسلسل المفاوضات، لكنها تصطدم بالموقف المتعنت، مع غياب إرادة الضغط لمجلس الأمن والأممالمتحدة.. لكن لن يبق النزاع مفتوحا إلى الأبد. نحن نأمل من جولات المفاوضات غير الرسمية أن تتقدم فيها الأمور، ويتضح الطرف المعرقل، وأن تمارس عليه ضغوطا، ونطالب نحن بفرض عقوبات عليه. المرحلة حساسة وحاسمة، والشعب الصحراوي بدأ صبره ينفد، أمام مماطلة وتعنت المغرب، وغياب ضغط الأممالمتحدة على المحتل المغربي، وضعف دورها في فرض الشرعية الدولية، ما سيساهم في عدم استقرار المنطقة، وأعتقد أن مجلس الأمن ودول المنطقة ليس في مصلحتهم أن تبرز عوامل تهدد استقرار وأمن المنطقة المتاخمة لمنطقة الساحل. نختتم حوارنا بسؤال حول صعود الحزب الشعبي في إسبانيا، ماذا تنتظرون منه، وهل هناك اتصالات مع قيادته؟ - نستبشر خيرا بالتغييرات في السلطة في المملكة الإسبانية. فتقاليد الحزب الشعبي الإسباني ثابتة منذ سنة 2000، حيث تبنى موقفا مدافعا عن الشعب الصحراوي، وضد مصادرة حقوقه. وكذلك ما ورد في برنامج الحزب الشعبي في الحملة الانتخابية الأخيرة، الذي أكد فيه على حق الشعب الصحراوي ومسؤوليات إسبانيا التاريخية والأخلاقية والقانونية في القضية الصحراوية. ونحن نأمل أن تواصل حكومة راخوي على هذا النهج، وأن يفصلوا في علاقاتهم الثنائية وموقفهم من القضية الصحراوية، التي هي قضية تصفية استعمار، ولإسبانيا مسؤوليات تاريخية في هذا الشأن. لدينا علاقات مع الحزب وتمثيلياته على المستوى المحلي، وهناك اتصالات نأمل أن تقود إلى لقاءات ومشاورات فيما يتعلق بالعلاقة بين البوليساريو والجمعيات الإسبانية التي نحيي موقفها من القضية الصحراوية، ودعمها للشعب الصحراوي.