في ظرف قياسي تحول حزب جبهة التحرير الوطني إلى مرتبة متقدمة في مصف الأحزاب السياسية التي تعتمد، بشكل كبير، على شبكات التواصل الاجتماعي، بعدما كان آخر حزب سياسي يهتم بهذا النوع من التواصل السياسي والاجتماعي مع قواعده ومناضليه، في الوقت الذي يعيش المقر المركزي حركية غير مسبوقة تحسبا للانتخابات التشريعية. قاعة الانتظار في المقر المركزي لحزب جبهة التحرير الوطني مكتظة عن آخرها.. لم تكف الكراسي التي بها لجميع مناضلي الحزب وإطاراته القادمين من ولايات بعيدة، والطامحين للقاء الأمين العام أو أحد قيادات الحزب، فلكل منتظر انشغاله وهدفه، لكن الانتخابات التشريعية هي القاسم المشترك بينهم. فقد بدأ موسم ''الحج'' السياسي إلى حيدرة التي تمثل المعبر الوحيد إلى شارع زيغوت يوسف، حيث مبنى البرلمان.. يوم الإثنين الماضي زارت ''الخبر'' مقر الحزب العتيد.. لا شيء حال دون وصول 28 مسؤولا لقسمات ولاية الجلفة إلى المقر المركزي للقاء الأمين العام عبد العزيز بلخادم، وإبلاغه رفضهم العمل مع المحافظ الولائي الجديد الذي عينه مسؤول التنظيم في الحزب مدني برادعي، يقولون إنه من مواليد عام 1978 وأنه مسير من قبل المحافظ السابق، ويصرون على دعم محافظ آخر يمتهن المحاماة، ويلوحون بمقاطعة قائمة الجبهة في التشريعيات. وفي القاعة أيضا، كان مناضلون قادمون من ولايات الأغواط والمسيلة وتيارت وبجاية يهددون أيضا بتشكيل قوائم حرة، ويريدون مقابلة بلخادم أو أحد ينوب عنه من قيادة الأفالان، لتقديم تقارير ''غضب'' من وضع تنظيمي، أو التعبير عن انشغال بدخول من يصفونهم ب''أصحاب الشكارة'' لمزاحمة أصحاب الكفاءة والنضال في القوائم، أو الشكوى من الإقصاء في القسمات والمحافظات، إضافة إلى إطارات أبدت رغبتها في الترشح وحضرت لتقدم استمارة ثانية للترشح، خوفا من محاولات إقصائهم والتلاعب بملفاتهم على مستوى المحافظات الولائية، لكن هؤلاء يستهلكون كثيرا من الوقت والسجائر وقراءة ما توفر من الصحف في قاعة الانتظار. ''رائحة'' الانتخابات تفوح من كل المكاتب في المقر، فقد صارت الوجبة اليومية لقيادات الحزب وقهوتهم، وهي عنوان أي نقاش سياسي أو تنظيمي في أي من المكاتب الموزعة في المقر المركزي للحزب ''الجهاز'' كما يسميه مناضلو الجبهة. لم يشكل الحزب حتى الآن غرفة عمليات لإدارة العملية الانتخابية مثلما فهمناه في عين المكان، لكن أعضاء المكتب السياسي يعملون في الوقت الحالي على إدارة العملية حسب مقتضيات الصلاحيات الموزعة بينهم، غير أن الاجتماعات المتسارعة التي يجريها الأمين العام للحزب، عبد العزيز بلخادم، بشكل يومي مع قيادات الحزب، والتعليمات التنظيمية التي صدرت إلى المحافظات والقسمات، تشير إلى فتح باب الترشح أمام جميع إطارات وكوادر الحزب. ويؤكد المكلف بالإعلام في الحزب العتيد، قاسة عيسى، أن الأفالان بدأ فعليا التحضيرات للانتخابات التشريعية المقبلة، عبر فتح باب الترشح على مستوى القسمات أمام كل الإطارات، قبل الخامس فيفري المقبل، مشيرا إلى أنه تم وضع آليات لمنع إقصاء أي مناضل من قبل القسمة، التي تحيل الملفات على المحافظة الولائية، مع تسجيل ملاحظاتها على الأسماء التي ترى إيجابيتها في الشارع، مشيرا إلى أنه تم ''إلزام المرشحين بالتوقيع على التزام باحترام قرارات الحزب والإجراءات التي تتخذها لجان الترشيح''، موضحا أن الحزب سيحتاج على الأقل إلى 143 امرأة مرشحة كحد أدنى. وقال المتحدث إن شرط سبع سنوات من النضال للترشح قد يسقط عن المرأة وعن الشباب في بعض المناطق. وأشار: ''قمنا بدراسة تتعلق بكل منطقة ومسح ديمغرافي حول كل منطقة ونتائج الانتخابات الماضية فيها، وسنرصد مرشحي الأحزاب الأخرى''. وفي الطابق الأول للمقر، تتواجد أمانة الإعلام التي تعمل على متابعة الأنشطة الإعلامية وتنفيذها، وتحضر لرسم خطة عمل إعلامي خلال التشريعيات بشكل مغاير وغير مسبوق، وقد بات ''الفايسبوك و''تويتر'' والمواقع الإلكترونية من بين أبرز الدعامات الإعلامية والإشهارية التي يعتزم ويعول عليها الحزب خلال الحملة الانتخابية للتشريعيات المقبلة، ويخصص الحزب فريقا إعلاميا متكاملا يعمل على إدارة هذه المواقع والصفحات الاجتماعية، ويحول الملاحظات والآراء التي يرسلها المناضلون والإطارات عبرها إلى قيادة الحزب، كما يعمل الحزب على تطوير نظام تواصل مركزي مع الهياكل الولائية والمحافظات والقسمات، لتسريع وتيرة العمل خلال الفترة المقبلة. ويشرف فريق إعلامي يضم صحفيين وتقنيين على متابعة الصحف وإعادة نشر كل ما له صلة بنشاطات الأمين العام على مواقع الحزب، كما تم إنشاء صفحة إلكترونية خاصة بانتخابات 2012 على ''تويتر'' و''الفايسبوك''.