فاجأ سعيد سعدي المشاركين في المؤتمر الرابع للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أمس بالعاصمة، بإعلانه تنحيه من منصبه في رئاسة الحزب، بحضور 1222 مندوب، وبمشاركة قادة أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية من تونس والمغرب ونشطاء سياسيين من الجزائر. قرر رئيس الأرسيدي سعيد سعدي التنحي عن منصبه في رئاسة الحزب بعد 22 سنة من شغله لهذا المنصب، وقال سعدي في خطاب مطول إن هذا القرار اتخذه بعد تفكير معمق، ورغبة منه في إعطاء الفرصة لكوادر وطاقات جديدة في قيادة الحزب، لكن المؤتمرين رفضوا هذا القرار، ووقفوا في القاعة طويلا ورددوا شعار ''سعدي رئيسا''، وطالبوه بمراجعة قراره، لكن سعدي رفع صوته بقوة ردا على المناضلين، وقال ''ليس هنالك سعدي واحد، الأرسيدي ليس أشخاصا، إنه مبادئ وأفكار ونضالات، فكرت كثيرا وقررت التخلي عن منصبي بعد 20 سنة، لكني سأبقى مناضلا في الحزب وفيا له ولمبادئه وتوجهاته السياسية مهما كانت الظروف، أنا معكم في كل الكفاح والمسار، وما تطالبون به بقائي هو ضد أفكارنا الديمقراطية، بقائي ليس عدلا في حق إطارات الحزب الذين تكونوا فيه، يجب ترك الفرصة لجيل جديد تحتاج إليه الجزائر وفي مرحلة تاريخية حساسة''، وأضاف ''سأكسر التقاليد السياسية، نحن لا نبني أحزابا لأشخاص، ولكن نبني أحزابا ديمقراطية، أطلب منكم أن تضعوا الثقة في الإطارات الجديدة التي كونها الحزب، لديكم هيئات في الحزب، لديها القدرة على مقاومة الضغوط، الرجال موجودون والنساء''. وهاجم سعدي حزب جبهة التحرير الوطني، وقال إن ''هذا الحزب يقف وراء كل مشاكل الجزائر منذ الاستقلال، لقد تم تأميم التاريخ واستغلاله، وسلم المدرسة الجزائرية في السبعينات للإخوان المسلمين، وأصدر قانون الأسرة عام 1984، وهو غطاء لاستغلال ثروات البلاد''. كما خصص سعدي جزءا هاما من خطابه لمهاجمة جهاز المخابرات، وقال ''لا الضغوط ولا الممارسات البوليسية للمخابرات والبوليس السياسي، ولا الدعاية المزيفة ضد الحزب يمكن أن تدفع الأرسيدي إلى خدمة السلطة''، مشيرا إلى أن ''هذا الجهاز الذي يحاول السيطرة على العمل السياسي وتوجيه العملية الديمقراطية يقترب من نهايته، والانتخابات التشريعية المقبلة هي آخر انتخابات يديرها هذا الجهاز، وزيادة عدد مقاعد البرلمان هو لزيادة عدد زبائن السلطة وإرضائهم، مثل وزير سابق للأشغال العمومية والصحة الذي حصل على 8 ملايين دينار من الدولة لإطلاق جريدته''، مضيفا أن ''البوليس السياسي يحتكر الوطنية والتاريخ ويغتال طموحات الجزائريين ويقمع الاحتجاجات، لقد شهدت الجزائر تسعة آلاف احتجاج في عام 2010، وألف احتجاج في 2011، وعددا كبير من الاحتجاجات في 2012، لكن الدكتاتورية الأوليغارشية مارست الضغوط والإكراهات لقمع الاحتجاجات، لقد جندت السلطة 30ألف شرطي من أجل قمع مسيرات في بداية .''2011 وقال سعدي إن الأرسيدي سعى خلال الفترة الماضية إلى النضال من أجل ''فتح النقاش حول مشاكل البلاد وإعادة التأسيس الوطني، والتكتل الديمقراطي''، مشيرا إلى أنه بات ''يقبل بالإسلاميين في حال كان وصولهم إلى السلطة بطريقة ديمقراطية، وفي حال ما إذا قبل الإسلاميون بقواعد الديمقراطية''. وتدخل في المؤتمر رئيس الحكومة السابق سيد أحمد غزالي، والناشط الحقوقي علي يحيى عبد النور. وسينتخب المؤتمرون اليوم رئيسا جديدا للأرسيدي، ويرجح أن يشغل هذا المنصب المتحدث باسم الحزب محسن بلعباس.