إنّ الإنسان لا يستغني عن ربِّه طرفة عين، حتّى العُصاة المُذنِبون، بل حتّى الكفّار، يتقلّبون فيما أنعم الله به عليهم من أنواع الحفظ والرعاية إلى أجل هم بالغفوة. ولو كشف الله ستره عن عباده، لابتلعتهم الأرض، وأغرقتهم البحار، ودمّرتهم الرياح والعواصف. عن يوسف بن الحسين يقول: كنتُ مع ذي النُّون المصري على شاطئ غدير، فنظرتُ إلى عقرب أعظم ما يكون على شط الغدير واقفة، فإذا بضفدع قد خرجت من الغدير، فركبتها العقرب، فجعلت الضفدع تسبَح حتّى عبرت، فقال ذو النون: إنّ لهذه العقرب لشأناً فامض بنا. فجعلنا نقفو أثرها، فإذا رجل نائم سكران، وإذا حيّة قد جاءت فصعدت من ناحية سُرّته إلى صدره وهي تطلب أذنه، فاستحكمت العقرب من الحيّة فضربتها فانقلبت، ورجعت العقرب إلى الغدير، فجاءت الضفدع فركبتها فعبرت، فحرّك ذو النون الرّجل النائم، ففتح عينيه، فقال: يا فتى، انظر ممّا نجّاك الله! هذه العقرب جاءت فقتلت هذه الحيّة الّتي أرادتك، ثم أنشأ ذو النون يقول: يا غافلاً والجليل يحرسه مِن كلّ سوء يَدُبّ في الظُّلَم كيف تنام العيون عن ملك تأتيه منه فوائد النِّعم فنهض الشاب وقال: إلهي، هذا فعلك بمَن عصاك! فكيف رِفْقُك بمَن يطيعك؟! فقلت: إلى أين؟ قال: إلى طاعة الله.