عدد الضحايا يرتفع إلى ثمانية ارتفع عدد ضحايا انفجار الغاز الذي وقع،أول أمس الجمعة، بالإقامة الجامعية ''بختي عبد المجيد'' في تلمسان، إلى ثمانية قتلى، بعدما فارقت ضحية أخرى الحياة، ظهر أمس السبت، بمصلحة الإنعاش بالمركز الاستشفائي الجامعي لتلمسان. ويتعلق الأمر بطالب بالمدرسة التحضيرية للعلوم الاقتصادية والتجارة والتسيير من ولاية بجاية. عاشت تلمسان ليلة جمعة ''سوداء''، جراء الانفجار الذي هز المدرسة التحضيرية بالإقامة الجامعية بختي وسط المدينة، والذي خطف أرواح ستة طلبة تتراوح أعمارهم بين 20 و21 سنة، إضافة إلى عاملة نظافة. وشبّه السكان هول الفاجعة بالانفجار الإرهابي الذي حطم فندق المغرب سنة .1997 فقد اهتز قلب المدينة على الساعة الثامنة إلا الربع ليلا، وبالتحديد في المدرسة التي تأوي أنجب المتحصلين على شهادة البكالوريا من مختلف ولايات الوطن، في الوقت الذي بدأ فيه الطلبة يتوافدون على مطعم الإقامة. وانتشر الهلع في الحي الجامعي وكامل المدينة، وهرع الطلبة الذين كانوا في غرفهم إلى مصدر الانفجار، ليكتشفوا أرضية أن المطعم منهارة وزملاءهم تحت الأنقاض يستغيثون. وشرعوا في عمليات الإغاثة قبل أن تصل مصالح الحماية المدنية. وتأكد للطلبة أن الذي أخبروا به الإدارة منذ شهر، حول انتشار رائحة الغاز الطبيعي في المطعم، هو الذي خطف زملاءهم. واستنفرت مصالح الحماية المدنية أعوانها، وتنقلت مصالح الأمن للشروع في التحقيق، كما تنقل والي تلمسان مرفوقا بالوزير الهاشمي جيار، الذي وصل إلى تلمسان على الثانية صباحا. وانتظمت الإغاثة، حيث نقل الموتى، وعددهم سبعة، وكذا 31 جريحا إلى المستشفى الجامعي لتلمسان، لم يستفق منهم ثلاثة إلى حد الساعة، نظرا لخطورة إصابتهم.
وحسب المدير الولائي للخدمات الجامعية، عبد الرحمن رزقي، فإن الذي سبّب الانفجار هو تسرب غاز المدينة من تحت أرضية المطعم (الطابق السفلي). موضحا بأن التحقيقات متواصلة لتحديد المسؤولية. وقال إنه من حسن حظ الطلبة أنهم لم يكونوا جميعا في المطعم، وإلا كانت الكارثة أعظم. ويجمع الطلبة الذين نجوا من الحادثة أن الانفجار وقع عند الساعة الثامنة إلا ربع مساء، في الوقت الذي كان فيه حوالي 70 منهم فقط في المطعم، علما أن الإقامة تأوي 480 طالب في السنتين الأولى والثانية. وقال أحد الطلبة: ''لقد أسرعنا إلى المطعم قبل وصول سيارات الإسعاف لإغاثة زملائنا في مشهد مروع لا يمكن أن تتصوره. وكان الانفجار عنيفا، وأحدث حفرة على عمق حوالي مترين داخل مطعم المدرسة''. حوادث مماثلة في السابق ويؤكد الطلبة الناجون أن الإقامة ممتازة جدا وتتوفر على كل المرافق، ''إلا أنه ومنذ حوالي شهر كنا نشم رائحة الغاز. وقد عرف نفس المكان حريقا في العام الماضي، وأخطرنا مدير الإقامة بالأمر''. ومن جهته، يقول المدير الولائي للخدمات الجامعية ''لم أكن على علم بهذا، ولم يصلني أي تقرير حول تسرب الغاز من قبل''. وانتقلت ''الخبر'' لزيارة الجرحى بقسم الجراحة ''أ'' بالمستشفى الجامعي لتلمسان، الذي شهد حركة غير عادية بسبب قدوم طلبة من نفس الاختصاص من ولايات أخرى للتضامن مع زملائهم، بالإضافة إلى ذوي القتلى والمرضى، الذين قدموا من العاصمة وتيزي وزو وبجاية وغيرها من المدن. وكان المشهد مؤثرا عند ذوي الضحايا الذين كانوا ينتظرون جثامين أبنائهم، في حين بقي البعض الآخر يسأل عن أسماء الموتى لمعرفة مصير أبنائهم. ويقول الطالب أيت حمو علي ماسنيسا من تيزي وزو: ''لا أستطيع أن أصف لكم المشهد، لأنني دخلت المطعم، وما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسي في المستشفى''. أما زميله فلاح كريم من نفس المدينة، فيقول ''من حسن حظ بقية زملائي أن الحادثة وقعت في وقت كان عدد الطلبة قليلا، ولم يلتحق البقية بالمطعم''. ويضيف ''لم يكن هناك ازدحام، وكنا ضمن الكوكبة الأولى التي دخلت المطعم''. في حين تحدث إلينا الطالب عمريو محند من بجاية، وهو في غاية التأثر، قائلا: ''أنا لم أصب إلا بجروح خفيفة. لما سمعت الانفجار وأنا في غرفتي ذهبت أبحث عن زميلي بوعمارة أمير، الذي طلب مني أن أسلمه تذكرة العشاء ونزل قبلي، فوجدته قد قضى نحبه''. وقد حضر وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الهاشمي جيار، إلى تلمسان عند الساعة الثانية صباحا من يوم السبت، رفقة الأمين العام للوزارة والمدير العام للخدمات الجامعية رفقة والي تلمسان. كما حضرت الشرطة العلمية الجهوية لوهران. وقد أبدى سكان مدينة تلمسان تضامنا واسعا مع الضحايا الموتى والجرحى، من خلال توفير الماء والدواء ونقل الجرحى بواسطة سياراتهم والتبرع بالدم. ومعلوم أن الحي الذي عاش الفاجعة فتح أبوابه في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وخضع لأشغال تجديد وترميم قبل سنتين. وكان الطلبة يستعدون للعودة إلى عائلاتهم مع اقتراب نهاية السنة الدراسية. أسماء المتوفين * بوعمارة أمير (بجاية) * حمدي كمال (تيزي وزو) * هجرسي عبد الفتاح (المدية) * عفون يوسف (البليدة) * عباس مولود (البويرة) * قدير نزيم (البويرة) * سحنوني زهية عاملة مهنية (تلمسان) أسماء الجرحى في العناية المركزة إلى نهاية مساء أمس * عموش ماسينيسا (البويرة) * شكلي شاب سعيد (بجاية) * شامة عز الدين (البليدة) * نسيم عبيد (بجاية)
حبس مدير الإقامة ومسؤول الاطعام أعلن والي تلمسان عبد الوهاب نوري، أمس، في جلسة مع الطلبة، حضرها وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالنيابة، الهاشمي جيار، ووزير الصحة، جمال ولد عباس، أن مدير الإقامة الجامعية ومسؤول الإطعام فيها، يوجدان رهن الحبس المؤقت. تشكيل لجنة تحقيق اغتنم الطلبة فرصة حضور الوالي والوفد الوزاري للحديث عن مشكلات تتخبط فيها الجامعة ومرافقها المختلفة، حيث أقسم الأمين العام لوزارة التعليم العالي ''ثلاثا'' ب''معاقبة كل من يثبت التحقيق، الذي أوكل إلى لجنة يشارك في عضويتها الطلبة، تورطه''، مبررا ذلك بأن ''الوزارة وفرت كل الإمكانيات والوسائل الضرورية، معترفا بوجود تجاوزات لن نسكت عنها''. 500 طالب بأعلى المعدلات المدرسة التحضيرية التي شهدت الفاجعة تضم 500 طالب من الذين حصلوا على أعلى المعدلات الوطنية في شهادة البكالوريا، والضحايا يدرسون في السنة الثانية. تضامن مع الضحايا أبدى سكان مدينة تلمسان تضامنا واسعا مع الضحايا من الموتى والجرحى، من خلال توفير الغذاء والماء والدواء، ونقل الجرحى بواسطة سياراتهم والتبرع بالدم. الشرطة العلمية تحقق منع، أمس، الطلبة وممثلو وسائل الإعلام من الاقتراب من محيط الإقامة المنكوبة، بحجة أن فرق الشرطة العلمية قدمت من وهران والعاصمة بالإضافة إلى تلمسان، يقومون بالخبرة في موقع الحادث. تأجيل الامتحانات بسبب الحادث، وحالة الحداد التي يعيشها الجامعيون بتلمسان، تقرر تأجيل الامتحانات التي كان مقررا لها أن تبدأ اليوم، على أن يتكفل الطلبة أنفسهم بتحديد موعدها الجديد لاحقا.
طلبة ناجون من المحرقة يروون شهاداتهم ل''الخبر'' ''ما عشناه سيظل كابوسا يطاردنا طول حياتنا'' يروي الطالب بوقندوز عادل من العاصمة قصة الانفجار قائلا: ''كنت رفقة زميلي في الغرفة ننجز تمارين استعدادا للامتحان، وقد طلبت من زميلي النزول إلى المطعم قصد تناول وجبة العشاء، لكنه ألح علي بأن نكمل التمرين الثاني ففعلت.. وبعد لحظات سمعنا دوي انفجار زلزل الأرض من تحت أقدامنا، فهرعت إلى المطعم فإذا بي أشاهد مناظر اقشعر لها جسدي. لقد رأيت الدماء تسيل من أجساد زملائي الموتى والجرحى.. قمنا بتحويل الجرحى بواسطة سيارات الأجرة التي كانت قريبة من الإقامة إلى المستشفيات، وبينما نحن كذلك سمعنا طالبا يقرأ القرآن بصوت مرتفع، فبحثنا عنه فوجدناه ضمن الجرحى، فطلب منا أن نخرج طلبة آخرين من تحت الأنقاض.. وستبقى صورة الطالب الذي كان يحمل زميله ودماؤه تسيل منه عالقة بذهني مدى الحياة''. من جانبه، قال الطالب بوقطاية عبد الرحمن من سطيف: ''كنا في الغرفة نتبادل أطراف الحديث ونستعد للامتحانات، وفجأة سمعنا انفجارا هز أركان الإقامة.. خرجت مسرعا فوجدت زملائي يُحمَلون بواسطة سيارات الأجرة قبل أن تلتحق بهم الحماية المدنية في مشهد يصعب نسيانه، لكن رغم الذي حدث فقد وجدنا تضامنا منقطع النظير من الجيران المحاذين لإقامتنا، الذين وفروا لنا كل شيء، بما في ذلك التبرع بالدم''. ويذكر فمازي أسامة من الجلفة أن المشهد كان مروعا، وبسبب الانفجار فقدنا إلى الأبد أصدقاء جمعتنا بهم الدراسة ثم فرقنا الموت بعد هذه المصيبة.. لقد انتهى الموسم الدراسي وفقدنا نكهة الامتحانات، لا يمكن أن ندخلها ونحن مصدومين، ما حدث لزملائنا -رحمهم الله- لا يترك لنا أي رغبة في المواصلة، سأذهب إلى بيتنا ولن أعود''. ورغم المصيبة التي حلت بزملائه، وغيبت عنهم أعز الأصدقاء، إلا أن خير أهل تلمسان خفف من شدة ما وقع، حسب الطالب روسيات محمد من البيض، لقد ''وقفوا إلى جانبنا وقفة رجل واحد، وهذا شهادة لله، حتى أن الكثير منهم لم يتمكنوا من التبرع بالدعم لكثرة أعداد الذين قدموا من أجل ذلك''.
حملة تضامنية مع ضحايا الانفجار على الفايسبوك
أطلق زوار موقع التواصل الاجتماعي ''الفايسبوك'' حملة تضامن واسعة على صفحاتهم، التي تضمنت آخر تطورات الحادث وصور دمار الانفجار وأسماء الضحايا. واتشحت صفحات الفايسبوك، أمس، باللون الأسود، حيث سادت أجواء من الحزن والألم مختلف الصفحات الشخصية وكذا المجموعات، تأثرا بالحصيلة الثقيلة التي خلفها الانفجار. وعبّر العديد من المتصفحين عن حزنهم من خلال الصور المنشورة، وكذا عبارات التعازي لعائلات الضحايا، كما لقي الحادث تضامنا واسعا من طرف أعضاء ممن الدول العربية. علما بأن خبر الحادث انتشر بسرعة البرق عبر مواقع المنتديات. كما فضل آخرون نشر نداءات مستعجلة للتبرع بالدم عن طريق التوجه إلى مستشفى تلمسان الجامعي، وهو الأمر الذي لقي استحسان وإقبال عدد كبير من الشباب، حتى أن هناك شبابا من ولايات مجاورة توجهوا إلى تلمسان لتلبية النداء. وتابع الجزائريون تطورات الحادث بتفاصيله على الشبكة الاجتماعية، من خلال الأخبار الآنية التي كان يضعها الناشطون، خاصة من تلمسان، والخاصة بارتفاع حصيلة الضحايا، وحتى أسماء وصور الضحايا، وكذا صور وفيديوهات صورت لحظة وقوع الانفجار. الجزائر: محمد الفاتح خوخي