حرّم الله سبحانه وتعالى الظلم على نفسه وجعله محرّماً بين عباده كما جاء في الحديث القدسي عن ربّ العزّة جلّ جلاله في سائر الشّهور، ولكن اختصّ من ذلك أربعة أشهر فجعل الذّنب فيهنّ أعظم والعمل الصّالح والأجر أعظم. لا تظلموا أنفسكم في هذه الأشهر الحُرُم الّتي يتصل تحريمها بناموس كوني تقوم عليه السّماوات والأرض، ذلك الناموس هو أنّ الله هو المشرّع للنّاس كما أنّه هو المشرّع للكون.. لا تظلموا أنفسكم بإحلال حرمتها الّتي أرادها الله لتكون فترة أمان وواحة سلام، فتخالفوا عن إرادة الله. وفي هذه المخالفة ظلم للأنفس بتعريضها لعذاب الله في الآخرة، وتعريضها للخوف والقلق في الأرض، حين تستحيل كلّها جحيماً حربية لا هدنة فيها ولا سلام. ''وقاتِلوا المُشركين كافّة كما يقاتلونكم كافّة'' التوبة36، ذلك في غير الأشهر الحُرم ما لم يبدأ المشركون بالقتال فيتعيّن ردّ الاعتداء في تلك الأشهر لأنّ الكفّ عن القتال من جانب واحد يضعف القوّة الخيرة المنوطة بها حفظ الحرمات ووقف القوّة الشّريرة المعتدية، ويشيع الفساد في الأرض والفوضى في النواميس. فردّ الاعتداء في هذه الحالة وسيلة لحفظ الأشهر الحرم، فلا يعتدى عليها ولا تهان. عزيزي القارئ. التفت عن يمينك وشمالك تجد الصّهاينة يعدّون كلّ يوم من أيّام السّنَّة لارتكاب مجازر رهيبة في صفوف إخواننا الفلسطينيين والمسلمون لا يحرّكون ساكناً، ينتظرون ''المؤتمر الدولي للسّلام''.. وعلى حساب من يكون هذا السّلام؟ لا يحرّكون ساكناً وإخوانهم يتقاتلون هنا وهناك، ألم يأمُرنا الإسلام الحنيف بالإصلاح بين الطائفتين المتنازعتين بالعدل والمساواة، قال تعالى: ''وإن طائفتان مِن المؤمنين اقتتلوا فأصْلِحوا بينهما فإن بَغَت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتّى تفيء إلى أمر الله فإن فاءَت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ الله يحبّ المقسطين'' الحجرات,9 لا يحرّكون ساكناً وإخوانهم يموتون جوعاً هنا وهناك.. يتعاملون مع أعدائهم معاملة الوليّ الحميم، ينظرون إلى مقدّساتهم قد انتهكت حُرمتها وهم يبكون، ويتساءلون كيف دخل العدو قصرهم وقد فتحوا له كلّ الحصون...