هل حقيقة ستجري الإحتفالات بالذكرى الخمسين لاستعادة الاستقلال في شاطئ سيدي فرج.؟! المكان الذي فقدت منه الجزائر استقلالها مدة 182 سنة.! وفي هذه الحالة هل الاحتفالات التي تجري في سيدي فرج هي احتفالات بالذكرى 182 للإنزال الفرنسي أم احتفالات بالذكرى الخمسين لرحيل الفرنسيين! وما علاقة سيدي فرج بذكرى الاستقلال؟! فالمعروف عن المكان أن له علاقة بالاحتلال وليس الاستقلال؟! كان من الواجب أن يتم الاحتفال بميناء الجزائر الذي رحل منه الجيش الفرنسي والمعمرين أو حتى الاحتفال بميناء المرسى الكبير الذي رحل عنه آخر جندي فرنسي سنة 1967، هل نمجد مكان حلول الفرنسيين بيننا أم نمجد مكان رحيلهم عن بلادنا؟! الفرنسيون يحتفلون بتحرير فرنسا من الاحتلال النازي في النورمندي المكان الذي تم فيه انزال قوات الحلفاء لتحرير فرنسا من النازية.. ولا يحتفلون عند خط ''ماجيلان'' المكان الذي دخلت منه النازية لاحتلال فرنسا؟! فكرة الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال في سيدي فرج تشبه فكرة الاحتفال بذكرى الاستقلال في 5 جويلية عوض 19 مارس العيد الوطني الحقيقي للاستقلال..! ربما لأن جماعة وجدة في 1962 اختارت 5 جويلية كعيد وطني عوض 19 مارس على اعتبار أن 19 مارس من إنجازات الحكومة المؤقتة التي انقلبت عليها جماعة وجدة.! لأن مفاوضات الاستقلال جرت تحت قيادة الحكومة المؤقتة.! ولهذا، فإن اختيار 5 جويلية كعيد وطني للاستقلال وهو في الحقيقة تاريخ لكارثة وطنية فقدت فيها البلاد الاستقلال.. هذا الاختيار قد يشبه اليوم اختيار الاحتفال بالاستقلال في المكان الذي دخلت منه فرنسا وليس المكان الذي خرجت منه. بومدين رحمه الله عندما اختار سيدي فرج لبناء أول مركب سياحي في تاريخ الجزائر المستقلة، ألح على المهندس مصطفى موسى المصري، أن يبني في قلب المركب معلما على شكل حذاء جندي ''رانجارص'' جزءه في الماء والجزء الآخر في البر.. وهو ما يعرف اليوم بالبرج الأصفر الموجود في قلب مركب سيدي فرج وفي المكان الذي دخل منه أول جندي فرنسي للجزائر في 1930 ( 5جويلية). وأتذكر أنني في 1975 أخذت الأستاذ محمد حسنين هيكل لزيارة هذا المكان.. وقد شوى له مدير الفندق خروفا من البرج الذي شيّد على شكل حذاء.! وعندما شرحت له لماذا كان هذا البرج على شكل ''جزمة عسكري''! رفض الغذاء في هذا المكان وطلب مني إعادته إلى فندق سان جورج.! وعندما أبديت له امتعاضي من هذا الموقف قال لي ضاحكا: أنا لم أحرمك وأحرم نفسي من أكل خروف مشوي كما تتصور.! بل لأنني أكلت قبل يومين على مائدة الملك الحسن الثاني خروفا رجعيا تركني لا أنام الليل كله.. وأخاف أن يكون خروفكم الثوري الذي شويتموه لي في حذاء الجندي الفرنسي ''يموتني'' هذه المرة.! إنني لا أفهم لماذا تم اختيار أشأم مكان للاحتفال بأسعد وأعز ذكرى.؟! أتمنى أن لا يكون الخبر صحيحا؟!