خلف قطار نقل المسافرين أو بالأحرى ''قطار الموت''، كما يلقبه سكان مدينة سيدي بلعباس مساء الجمعة الفارط، ضحية جديدة، 74 سنة، وهي الحادثة الأليمة التي أعادت إلى الأذهان من جديد ذلك المشروع المسجل منذ سنوات بأجندة وزارة النقل، والقاضي بتحويل مسار خط السكة الحديدية المزدوج إلى خارج النسيج العمراني لمدينة سيدي بلعباس نهائيا. ويعتبر الخط المزدوج المعني ''ارثا استعماريا ثقيلا'' عمّر بعاصمة ''المكرة'' لعقود زمنية طويلة، قبل أن يقف الكل على ضرورة البث في الملف بأكثر جدية، تزامنا والارتفاع المخيف لعدد الضحايا وللخطورة الكبيرة التي بات يشكلها ''قطار الموت'' على السكان، بعد النمو الديمغرافي الذي شهدته المدينة ونشأة بؤر فوضوية بمحاذاة الخط المزدوج المعني. وتحصد وسيلة ''النقل الثقيلة''، بغض النظر عن نوعيتها والخدمات التي تقدمها للمواطنين وللاقتصاد الوطني، ما بين 10 إلى 15 ضحية بمدينة سيدي بلعباس في السنة الواحدة، وهو معدل مخيف دفع في العديد من الأحيان بالسلطات الولائية إلى دق ناقوس الخطر ولفت انتباه المركزية لدفعها إلى ''فرض نوع من الضغط الرامي إلى تشغيل دواليب عقول دوائر القرار''، لما كان للحوادث المتكررة والمميتة من انعكاسات سلبية ومؤثرة على مواطني المنطقة. ويعدّ مشروع تحويل مسار خط السكة الحديدية المزدوج إلى خارج النسيج العمراني لمدينة سيدي بلعباس من بين أقدم مشاريع قطاع النقل الخاصة بولاية سيدي بلعباس، وهو الذي أشارت مصادر عليمة إلى تسجيله منذ سنوات عديدة. وكان مشروع تحويل مسار الخط الحديدي المزدوج الذي يخترق سيدي بلعباس ويقسمها إلى نصفين، قد دخل حيّز الإنجاز مع نهاية سنة 2010 قبل أن يعرف توقفا دام لأكثر من 12 شهرا ''بسبب خلافات نشبت بين وزارة النقل والشركة الإيطالية المكلفة بالإنجاز، حول صيغ تسوية المستحقات''. هذا ولم تستأنف الأشغال على مستوى المشروع إلا حديثا، حيث يعكف الإيطاليون على استكمال عملية تسوية الأرضية، وسط تنبؤات باستلام نهائي للأشغال مع مطلع سنة .2015 ويراهن القائمون على مشروع تحويل مسار خط السكة الحديدية المزدوج إلى خارج النسيج العمراني لمدينة سيدي بلعباس، وذلك من أجل فك العزلة عن أحياء شعبية وتجمعات سكنية معروفة بالكثافة السكانية العالية. ويعي سكان حي العربي بن مهيدي، طوبا، سيدي أعمر، سيدي الجيلالي القديم ونقاط أخرى من المدينة مدى الأهمية التي يكتسيها المشروع، في الشق المتعلق بجعل كل تلك الأحياء ''حيّة متحركة''، في ظل الجمود الذي ألقى بظلاله على كل تلك التجمّعات، بفعل هاجس تواجد الخط الحديدي بمحاذاة مقراتهم السكنية غير بعيد عن الفضاءات المخصصة للعب الأطفال.