علنت السينغال أنها لن ترسل قوات عسكرية إلى مالي للمشاركة ضمن قوات المجموعة الإفريقية، وقبلها قال وزير الدفاع الفرنسي إن بلاده لا ينبغي أن تشارك لوحدها، لأن القضية تخص كل دول أوروبا، فيما تواجه نيجيريا ترددا بالنظر لوضعها الأمني الداخلي مع تنظيم بوكو حرام، وهي مواقف تقترب شيئا فشيئا من موقف الجزائر الداعي لمعالجة أزمة مالي عن طريق ''الحل التفاوض السياسي''. قال الرئيس السينغالي ماكي صال، أول أمس، في ندوة صحفية، إن ''بلاده لا تعتزم إرسال قوات عسكرية إلى مالي للمشاركة إلى جانب القوة العسكرية للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا بهدف استعادة إقليم أزواد في شمال مالي الذي تسيطر عليه الحركات المسلحة''. وذكر أن دكار تدعم فكرة تشكيل قوة عسكرية إفريقية للتدخل في شمال مالي، غير أنها لن تشارك في تلك القوة. وبرر الرئيس السينغالي هذا التراجع بكون بلاده ''لديها قوات عسكرية لحفظ السلام في ساحل العاج والكونغو والسودان وغينيا بيساو ولا تستطيع قواتها تغطية كافة مناطق التوتر''. يأتي هذا في وقت كانت السينغال ضمن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) التي دعت إلى تشكيل قوة عسكرية وإرسالها إلى مالي لمقاتلة الانفصاليين التوارف والجماعات الإسلامية المسيطرين على شمال البلاد منذ عدة أشهر. وجاء موقف السينغال في نفس التوقيت الذي أعلن فيه وزير الدفاع الفرنسي، جون إيف لودريان، أن ''الدور الآن على الاتحاد الإفريقي لإيجاد الطرق والوسائل من أجل تحضير هذا الجهاز الذي سيعرض مجددا على لائحة لمجلس الأمن، ولكن هذه ليست دعوة للقوات الفرنسية''، مشيرا إلى أنه ''إذا كانت هذه المبادرة الإفريقية بحاجة إلى دعم من الجهات الفاعلة الأخرى، فمن المستحسن أن يكون ذلك من أوروبا''. وحدد وزير الدفاع الفرنسي موقف بلاده بدقة من هذه القوة العسكرية ''لا ينبغي أن تكون فرنسا لوحدها، لأن ما يحدث في منطقة الساحل يخص أمن أوروبا كلها''، ما يعني أن باريس التي تربطها علاقات متشنجة مع مستعمرتها السابقة مالي، ترى في مشاركتها مزيدا من التشنج لعلاقتها مع باماكو، ما قد يضيّع عليها مصالحها الاقتصادية، ولذلك تريد الاختفاء وراء الدول الأوروبية بعدما كانت تقول إنها مستعدة للدعم اللوجيستي والجوي للقوة العسكرية لمجموعة الإكواس. هذا التردد الفرنسي في التعاطي مع أزمة مالي يعود، حسب مقال في صحيفة ''لوموند''، للأستاذ الفرنسي مارك أنطوان بيروز دومنتكلوس من معهد العلوم السياسية لباريس، إلى أن فرنسا ينظر إليها في مالي أنها ''ليست وسيطا محايدا'' وبأنها وراء ما يجري في بلادهم، على خلفية تدخلها العسكري في ليبيا وما انجر عنه من عودة للتوارف مدججين بالسلاح، وبالتالي فإن تدخل فرنسا في مالي سيقابل بمقاومة شديدة ويزيد في تعقيد حل الأزمة في مالي. وكان مجلس الأمن سباقا قد أبدى تحفظه من إرسال قوة عسكرية للتدخل في مالي، مفضلا الحلول المحلية الإفريقية والتي جاءت من دول الميدان التي دعت إلى الحل السياسي، وهو ما رحبت به الحكومة الانتقالية المالية، بينما تسعى كوت ديفوار، رئيسة مجموعة ''الإيكواس'' التي تعاني من مشاكل داخلية، ونيجيريا أكبر دول إفريقية من حيث السكان، للتدخل العسكري، رغم أن نيجيريا تواجه حالة من التدهور الأمني الداخلي من خلال المواجهة مع تنظيم بوكو حرام ومع حركة دلتا النيجر، ما يجعل، حسب المتتبعين، إرسال أي قوات من طرفها إلى الخارج سيحدث معارضة للمواطنين في الداخل.