دفع الارتفاع الكبير في أسعار كراء قاعات الحفلات، وكذا صعوبة إيجاد أماكن شاغرة مع اقتراب شهر رمضان، بالعديد من العائلات إلى برمجة أفراحها في البيت، مسترجعين بذلك ذكريات أيام زمان، لكن بأسلوب مختلف تحولت فيه أسطح العمارات وحدائق البيوت إلى ''فضاءات من خمس نجوم''. بلغت أسعار كراء قاعات الحفلات في صيف 2012 حدودا قياسية، مع كثرة الطلب وتزامن الشهر الفضيل مع موسم الأفراح، إذ لا يقل سعر أرخص قاعة حفلات عن 70 ألف دينار، وهي في الغالب ذات المساحة الضيقة، فيما تتجاوز أخرى 160 ألف دينار. غير أن الكثير من العائلات وجدت الحل في تنظيم حفلاتها في البيوت، مع تقليص عدد المدعوين في حال برمجة الحفل في غرفة الضيوف، فيما وجدت أخرى الحل في العودة إلى عادات انقرضت منذ سنوات، بتنظيم الحفل فوق الأسطح، أو في حديقة البيت بالنسبة للعائلات الأكثر حظا. لكن إن كانت حفلات الزفاف أو الخطوبة وختان الأبناء في الماضي تنظم على سطح البيت، الذي يغطى بقماش خشن أو ''الباش''، كما يعرفه الجزائريون، وجد هؤلاء طريقة أخرى لاستغلال هذه المساحة بطريقة عصرية تحاكي قاعات الحفلات، في جوّ ساحر يتميز بالفخامة والرقي، دون دفع الكثير من التكاليف. وفي السياق، أكدت السيدة حورية، من دار ''القعدة'' لتنسيق حفلات الزفاف، أنها أشرفت، منذ بداية الصائفة، على تنسيق عشرات الأفراح في البيوت، خاصة في أسطح البيوت والحدائق بالنسبة للعائلات الميسورة. وتضيف المتحدثة: ''قصدني العديد من الزبائن من بداية موسم الأعراس لتنسيق أفراحهم في البيوت، بعدما وجدوا صعوبة في تأجير قاعات الحفلات، لكن هناك أيضا زبائن لم يكن غلاء القاعات من دفعهم للعودة إلى البيوت، بل وجدوا في ذلك فرصة في استرجاع ذكريات أيام زمان بديكور عصري''. وتؤكد منسقة الحفلات أن العائلات التي تنظم حفلتها في البيت تشترط ألا يقل الديكور فخامة عنه في قاعة الحفلات، حيث يزين مكان جلوس العروس، والكراسي والطاولات التي تزين بأغطية خاصة، ويوضع عليها بعض الزهور، إلى جانب طاقم الأكل الكامل، وطبعا المضيفات. تواصل المتحدثة: ''أشرفت مؤخرا على تصميم ديكور لحفل زفاف بالحامة في حي بلوزداد الشعبي فوق سطح عمارة ليلا، لكن التصميم والديكور الساحر أذهل الضيوف وحتى صاحبة حفل الزفاف، وحوّل المكان إلى قاعة حفلات خمس نجوم''. وتقول السيدة حورية إن العديد من الزبائن الذين تستقبلهم اتصلوا بها، بعد أن وقفوا على إمكانية تنظيم الحفل في البيت، والتقليل من المصاريف، مادامت النتيجة مبهرة ولا تقل فخامة عن تلك التي تنظم في قاعات الحفلات بأثمان غير معقولة. ونحن نتحدث إليها كانت السيدة حورية منهمكة في تجهيز ديكور لليلة الحناء، اختارته العروس فوق سطح مسكنها بحي ''رويسو'' في العاصمة، وهو عبارة عن خيمة تتوسطها قعدة صحراوية تقليدية، تزينه الآواني النحاسية والزرابي والأفرشة والوسائد. كما تستفيد الكثير من العائلات، التي يتوفر بيتها على حديقة من هذه المساحة، لإقامة حفل راق في مكان مفتوح، يزين بمختلف أشكال الإنارة والديكورات المناسبة. ومن بين من اختار استرجاع عادة إقامة حفل الزفاف في البيت، السيدة موني صديقي من حي القبة بالعاصمة، والتي فضلت أن تحتفل بزفاف ابنتها، آخر العنقود، في ساحة البيت. تقول السيدة موني: ''أقمت جميع حفلات زفاف أبنائي في قاعات الحفلات، رغم رفضي للمبدأ، فالعرس في البيت له سحر خاص، غير أن أبنائي ألحوا علي لإقامتها بعيدا عن البيت للمحافظة على نظافته ولتستوعب المدعوين، ناهيك على أن القاعة تكون مجهزة أكثر لاستقبال الضيوف، غير أن ابنتي الصغرى التي ستسافر إلى كندا بعد زواجها، ألحت على أن يكون زفافها في البيت بعدد محدود من المدعوين''. وتضيف السيدة موني أن الحفل كان أكثر من رائع على طريقة ''ناس زمان''، في قعدة أشرف عليها منسق حفلات.