ظهرت قاعات الحفلات في الجزائر، كنمط اجتماعي جديد في إقامة الأعراس فرضه ضيق المنازل، إلا أن أسعار كرائها تزايدت من سنة إلى أخرى حتى بلغت الذروة، لتعود حفلات الزفاف بقوة إلى الهواء الطلق وفي ساحات المدارس، وبعد أن كانت الأعراس مقتصرة على فصل الصيف، صارت تلازم كل شهور السنة وصار تأجير قاعة حفلات يتم شهورا قبل موعد العرس. اقتربنا من أصحاب قاعات الحفلات بنية الاستفسار عن إمكانية الحجز إلى ما بعد شهر رمضان، فتأسف كثير من هؤلاء بالقول إنّ تلك القاعات محجوزة إلى غاية نهاية شهر أكتوبر، أما عن الأسعار فهي لا تقل عن خمسة ملايين بالنسبة لحفل ختان أو خطبة أو حتى حفلة نجاح. أما عن حفلات الزفاف فهي لا تقل عن سبعة ملايين سنتيم، وأكّد أحد مالكي قاعة حفلات، أنّ كثيرين يتأخرون في عمليات الحجز التي من المفروض أن تتم بأشهر قبل موعد العرس أو حتى الحفلة، وفي السياق ذاته يقول مصطفى صاحب قاعة حفلات أنّ تزامن فصل الصيف مع اقتراب شهر رمضان خلق ضغطا كبيرا على قاعات الحفلات لكل من يريد إقامة أفراحه قبل بداية الشهر الفضيل، في حين فضّل البعض التأجيل إلى ما بعد عيد الفطر من خلال دفع نصف المبلغ المحدد كعربون على ذلك الحجز، وهو البرنامج الذي تسير عليه كل قاعات الحفلات حسب المتحدث. غلق قاعات الحفلات زاد من ارتفاع الأسعار وعن أسباب هذا الارتفاع الفاحش في أسعار كراء قاعات الحفلات، أرجعها البعض للامتيازات التي تحتويها قاعاتهم من حيث مساحتها وطاقة استيعاب المدعوين، الديكور، نوعية المستلزمات، وحتى الخدمات التي تقدمها بعض النادلات العاملات داخل القاعة. محمد صاحب قاعة حفلات أكّد أنّ القانون الذي أمر بغلق كل قاعات الحفلات التي لا تملك حظيرة خاصة لركن السيارات، وهو ما أدّى لاستغلال بعض أصحاب قاعات الحفلات للوضع من أجل المضاربة في الأسعار، سيما وأنّ الزبائن لا يجدون قاعات أخرى على حد قول المتحدث، إضافة إلى كون تحديد عدد المدعوين ومدة العرس ينبغي أن لا تتجاوز في أغلب قاعات الحفلات الساعة السابعة مساء وأي تأخير في ذلك قد ينجّر عنه دفع غرامات مالية، في وقت تفرض بعض قاعات خدمات الموسيقى والديجي مجانا، على أن يتم إيقاف الموسيقى بمجرد انقضاء الوقت المذكور. الملاحظ أنّ هناك قاعات مخصصة للزبائن من نوع خاص، يتجاوز سعر تأجيرها 30 مليون سنتيم، في وقت تفضّل شريحة خاصة إقامة أعراسها في أفخم الفنادق، بمقابل بحث أصحاب الدخل المحدود عن قاعات تمكنهم من إقامة أعراسهم، منهم فريدة التي تقول إنها لم تصدق لما وجدت قاعة على قدر إمكاناتها وإن كانت بعيدة عن مقرّ سكنها ولا تتسّع كثيرا، إلا أنها حاولت أن يكون عدد المدعوين على قدر طاقة الاستيعاب. عائلات تقيم أعراسها في أسطح العمارات وأخرى في المدارس توجد كثير من العائلات من فرضت عليها ظروفها التمسك ببعض العادات القديمة، منها إقامة الأعراس فوق أسطح العمارات، من خلال نصب خيم تتسّع للمدعوين، وهو ما لجأت إليه حبيبة من برج البحري التي أكدت أنها اتخذت من أحد أسطح بنايات جيرانها مكانا لإقامة حفلة زفافها، فهي لا تملك المال ولا تستطيع أن تجبر والدها على دفع مبلغ كبير مقابل سبع ساعات من الغناء والرقص. إسماعيل أحد الشباب الذي انتفض على قاعات الحفلات، أقسم أن لا يكون عرسه، نظرا للمبلغ الكبير التي تكلفه ما جعله ينصب خيمة في المنزل لإقامة حفل الزفاف، يقول في هذا الخصوص: "إن منزل والدي واسع، ويمكن أن يتسع للمدعوين، ومن غير المعقول أن تكون مصروفاتي أكبر من دخلي، خاصة أنني استأجرت الطاولات والكراسي ومختلف الإكسسوارات"، أما عن رأي المدعوين فيضف قائلا: "لا يهمني رأي أحد ولا تعليقاتهم"، وهو عكس رأي نوال التي تقول إنها لن تقيم حفل عرسها حتى تجمع ما يكفي من المال لكراء قاعة الحفلات فهي شيء أساسي، لا يمكن الاستغناء عنه فالمنزل لا يستوعب حتى أهله فما بالك بكل المعازيم، وتردف نوال قائلة: "كل صديقاتي وجاراتي أقمن أعراسا في قاعات، خاصة ولا أقبل أن أكون أدنى منهن فحفلة الزفاف لن تكون إلاّ مرة واحدة في الحياة". عادت ساحات وأقسام بعض المدارس لتستقبل بعض الأعراس رغم قرار وزارة التربية الذي يمنع ذلك، إلا أنّ البعض يؤكد تلقيه لدعاوى أعراس وولائم بالمدارس، بعدما عجز أصحابها عن إيجاد مكان واسع لإقامة عشاء العرس، في الوقت الذي انطلقت فيه سباقات ماراطونية بين البعض حول من يقيم أكبر الأعراس في أكبر القاعات وبأفخم السيارات وأفخر الثياب.