تعمل أغلب الإدارات العمومية في الجنوب، خلال شهر رمضان الحالي، بنظام الحد الأدنى من الخدمة أو أقل من ذلك، غير أن أغلبها تحول إلى أماكن خالية، خاصة بعد الساعة الحادية عشرة صباحا، بسبب الارتفاع الكبير لدرجة الحرارة. يعني العمل في شهر رمضان بالنسبة لرفيق، وهو موظف في شركة توزيع مشروبات وأغذية، الكثير من الإجهاد، إذ يقول ''يضطرني نظام العمل لمراقبة أكثر من 20 شاحنة نقل والتأكد من حمولتها تحت حرارة تتجاوز 44 مئوية، وينتهي عملي على الساعة الثانية بعد الزوال، وأجد نفسي في حالة تعب وإرهاق شديدين وأضطر للاغتسال بماء شبه مثلج حتى أستعيد طاقتي وأكمل يوم الصيام''. ويضيف المتحدث ''أغلب السائقين في هذه الشركة يعملون بفتوى تجيز لهم الإفطار، فهم ينقلون سلعا في الصحراء، وهم في حكم الدين مسافرون، أما أنا فأقيم في حاسي مسعود ولا تسمح لي هذه الفتوى بالإفطار''. وفي أغلب مناطق الجنوب نقلت ورشات البناء وإصلاح السيارات وغيرها، ساعات الدوام، إما من الساعة الحادية عشرة ليلا إلى الثامنة صباحا أو من الثانية ليلا إلى التاسعة صباحا، من أجل تفادي درجات الحرارة العالية. وأثار موظفون من غرداية طلب تغيير نظام ساعات العمل في الإدارات العمومية في شهر رمضان، إذ نوقشت الفكرة في المجلس الولائي بغرداية. واعترف أمين عام ولاية غرداية، خلال لقاء مع منتخبي لمجلس الشعبي الولائي، بأن أفضل الموظفين خلال شهر رمضان في فصل الصيف بولايات الجنوب، لا يمكنه تقديم أكثر من3 أو 4ساعات من العمل. وقال في هذا الموضوع إن القرار يجب أن يتخذ على مستوى الوزارة وليس على مستوى الولايات، لكن ما هو موجود على أرض الواقع يفيد بأن الإدارة في رمضان تتحول إلى مكان للاسترخاء والراحة تحت مكيفات الهواء. العطلة الصيفية تثير فتنة داخل المؤسسات أصبح تحديد المستفيدين من العطل السنوية داخل الإدارات والمؤسسات الإنتاجية في صيف هذه السنة، مهمة شديدة الصعوبة، في ظل تمسك 90 بالمائة من العمال الموظفين بالحصول على العطلة السنوية خلال شهر رمضان، ورفض أغلب هؤلاء التنازل عن هذا المطلب. أما بالنسبة للموظفين الذين تضطرهم الظروف للخدمة في رمضان، فهم يتمسكون بالعبارة الشهيرة ''أرجع بعدما نشربو الماء '' وهي عبارة يكثر تداولها خلال شهر رمضان، خاصة في أروقة الإدارة الجزائرية، معناها عليكم بالعودة بعد انتهاء شهر رمضان، وتعبّر عن مستوى التدهور في الخدمة العمومية عبر الإدارات الجزائرية خلال الشهر الفضيل. وينام بعض إطارات الإدارة إلى غاية الساعة الحادية عشرة صباحا، ومنهم مديرون تنفيذيون. وتشير مصادر من الإدارة في كل من غرداية وتمنراست، إلى أن أحد المدراء في ولاية تمنراست غاب عن مكتبه وطلب إحضار الأوراق المهمة لتوقيعها في بيته، خلال اليومين الأول والثاني من شهر رمضان. وفي غرداية لا يدخل أحد المدراء المهمين إلى مكتبه إلا بعد الساعة الحادية عشرة صباحا حتى في الأيام المخصصة لاستقبال المواطنين، ثم يخرج منه على الساعة الواحدة أي بعد ساعتين فقط. وقد يبدو تكاسل بعض الموظفين خاصة في مناطق الجنوب التي تشهد حرارة غير مسبوقة هذه الأيام، مبررا بعض الشيء في شهر رمضان، لكن أن تتوقف مصالح الناس في هذا الشهر فهذا غير مقبول، حسب مواطنين وجدناهم في طابور بمقر بلدية غرداية. والمثير أنه بإجراء جولة بسيطة عبر مكاتب المحامين في غرداية، اكتشفنا أن أغلب المكاتب مغلقة في ساعات النهار والسبب، حسب مصدر قضائي، هو أن أغلب القضايا المجدولة تم تأجيلها إلى ما بعد عيد الفطر، بسبب خروج بعض القضاة في عطلة وصعوبة العمل في شهر رمضان. ويقول السيد مبروك. ج، من غرداية، إنه لم يتمكن من الحصول على شهادة السوابق العدلية بمحكمة غرداية على مدى 3 أيام من الانتظار، بينما تأخر التوقيع على شيك لمقاول من غرداية طلب عدم ذكر هويته، على مستوى مصالح الخزينة على مدى ال10 أيام الأولى من الشهر الفضيل من العام 2009. الدومينو ممنوع في حاسي مسعود أصدر مدير شركة أمريكية جزائرية مختلطة في حاسي مسعود، بعد مرور 15 يوما من رمضان 2009 تعليمة منع بموجبها إدخال أحجار ''الدومينو'' إلى مقر الشركة، ومنع تداول الأحجار في الورشات والمكاتب وطهي الشاي في الليل، بعد أن لاحظ أن أغلب الموظفين والعمال يصرفون أغلب وقتهم في لعب الدومينو وإعداد الشاي خلال يوم وليل رمضان. ويفضّل الكثير من الموظّفين والعمّال أخذ إجازاتهم السنويّة في رمضان والبقيّة ينزل أداءهم المهني إلى أدنى مستوياته، لانشغالهم بالتسوّق. نشاط مكثف للصوص وبينما تدخل المصالح الإدارية وحتى المحاكم في حالة سبات عميق، تنشط أطراف اجتماعية أخرى في طلب الرزق الذي قد لا يبدو له طعم أو لون، وهنا يتدخل السيد ب. سليمان من غرداية، قائلا ''لم يسبق أن شهدت غرداية نشاطا مكثفا للصوص مثل الذي وقع في الأيام الثلاثة الأولى من شهر رمضان، حيث سرق المنحرفون عددا كبيرا من الدراجات النارية إلى غاية تدخل الشرطة التي أوقفت إحدى أخطر عصابات السطو، وهي مكونة من 5 أشخاص وكانت تستغل سيارة نقل في السطو على الدراجات النارية الغالية، وتشهد أغلب الأسواق انتشار السرقة، حيث طال نشاط اللصوص حتى المواد الغذائية، الخضر واللحوم التي غفل عنها التجار أو المتسوقون.