لن أنسى الهدف الذي سجلته بعد 5 ثوانٍ يعدّ نور الدين الهامل أو ''مهدي''، كما كان رفقاؤه يلقبونه، أحد أبرز اللاعبين الذين أنجبتهم مدرسة مولودية وهران في نهاية الستينيات إلى نهاية السبعينيات، وكان يشكل ثنائيا ناريا مع عبد القادر فريحة، حيث ساهم بشكل كبير في تتويج ''الحمراوة'' بلقب البطولة والكأس. وفي حديثه ل''الخبر''، يعود ابن حي الحمري إلى الوراء ليسرد مشواره الكروي الحافل بالأحداث والإنجازات، معرّجا على اضطراره للتوقف عن اللعب في المستوى العالي، دون تجاوز سن ال 27، وكذا الهدف الذي سجله بعد خمس ثوانٍ من انطلاق أحد اللقاءات. كشف صاحب المهارات العالية والتسديدات الصاروخية عن أول لقاء خاضه مع الأكابر وذلك في العام 1966، وكان عمره لا يتجاوز 16سنة ونصف، مستغلا معاقبة فريحة ليخطف الأضواء ''استنجد بي المدرب الحاج هدفي، والد اللاعب الكبير الراحل ميلود هدفي، وأشركني في لقاء خارج الديار أمام حمراء عنابة، فرصة استغليتها وسجلت هدف التعادل في مباراة انتهت بنتيجة 2/2، ومنذ ذلك الحين أصبحت أساسيا في فريق كان يضم خيرة النجوم، على غرار فريحة وامبارك وقشرة وكريمو واحميدة كريم''. كما كشف ''مهدي''، البالغ من العمر 62 عاما، عن تجربته مع نصر حسين داي في موسم 69/,70 حيث سارعت إدارة ''النصرية'' إلى خطفه، عندما بلغ مسامعها أن هداف مولودية وهران، سيلتحق بالعاصمة لأداء الخدمة الوطنية، وتمكّن من تسجيل 12 هدفا وفرض نفسه في فريق كان يضم في صفوفه عدة أسماء لامعة مثل أوشان وبوياحي وموسوني وسعدي. نلت لقب أحسن هداف في البطولة رفقة فريحة ب15 هدفاُ يبقى تتويج ''مهدي'' بلقب هداف البطولة في موسم 70/71، أحسن ذكرى في مشواره الكروي، لا لشيء سوى لأن هذا الإنجاز تحقق، على حساب فرق كبيرة وعريقة يتقدمها العملاق شباب بلكور، بأرمادة نجومه لالماس، كالام، سالمي عاشور وغيرهم، ''وتمكنت آنذاك من تسجيل 15 هدفا، لأننا كنا نملك خط هجوم ناريا، كان كفيلا بتسجيل ثلاثة أهداف في كل مباراة''. ونظرا لتألقه الباهر، فقد استقطب اهتمام العديد من الأندية مثل وداد تلمسان وأندية عاصمية، ''غير أن أحسن عرض تلقيته كان في موسم 72/73، حيث أغراني رئيس جمعية وهران، صاحب مصنع مشروبات غازية، مقترحا عليّ منحة إمضاء قدرها 12 ألف دينار آنذاك، وتمكن من إقناع والدي الذي وافق على الفور. لكن، قبل بداية البطولة، علمنا أن كاتب الفريق كريمو حساني، الذي لايزال، لحد الآن، في الفريق، زوّر بصماتي، ما جعل الاتحادية تستدعينا، وتمّت معاقبة حساني، الذي حاول إلغاء توقيعي للجمعية، والموافقة على التجديد ب7 آلاف دينار، لكن الاتحادية كانت صارمة، حيث سلطت غرامة مالية على إدارة مولودية وهران ب50 ألف دينار، وعاقبت حساني بست مباريات''. وبعد موسم استثنائي مع الجمعية، بتسجيله 25 هدفاُ، اضطر ''مهدي'' إلى الرضوخ لضغوط أبناء حيّه الحمري من الأنصار، ليعود إلى فريق القلب، مثلما قال ''فكانت عودتي فأل خير على الفريق الذي توّج بكأس الجزائر في نهائي مثير أمام مولودية قسنطينة، وسجلت خلاله الهدف الثاني''، مضيفا ''أتذكر أن منحة التتويج قاربت 5 آلاف دينار لكل لاعب، وأنا تلقيت مكافآت بالجملة، وصلت إحداها إلى 3 آلاف دينار من تاجر معروف آنذاك يدعى أميني صلاح''. عمارة نصحني بالتوقف عن اللعب خوفا على صحتي أما أسوأ ذكرى ل''مهدي''، فهي الإصابة التي تعرّض لها على مستوى اليد، واستدعت إجراء عملية جراحية، حيث تمّ وضع صفيحة معدنية لجبر الكسر، ''ما جعل المدرب سعيد عمارة ينصحني العام 1977 بالتوقف عن اللعب خوفا على صحتي، مع أنني كنت في أوج عطائي. لكنني فضلت، بعد موسمين، العودة إلى الميادين للعب مع فرق صغيرة، ولن أنسى أسرع هدف سجلته عندما كنت أتقمص ألوان اتحاد وهران، إذ وبعد الانطلاقة مع زميلي جمعي عبد الله، استغليت فرصة تقدم الحارس لأسدد من على بعد 50 م، وتمكنت من إسكان الكرة في الشباك بعد مرور 5 ثوان''، على حد قول محدثنا الذي واصل اللعب إلى غاية بلوغه ال 50 سنة. كنت أعشق لالماس ولن أنسى الهدف الذي سجلته على عبروق وأسرّ لنا محدثنا أنه كان يعشق صانع ألعاب شباب بلكور حسان لالماس، ''الذي أتمنى له الشفاء العاجل''، لأنه كان فنانا بأتم معنى الكلمة وقناصا مبدعا، ''وبالمقابل، لن أنسى المباراة التي أبدعت فيها أمام الشباب في وهران أمام 50 ألف متفرج وطريقة تسجيل هدف على الحارس عبروق، حيث أوقفت الكرة بالصدر، ودون انتظار سددت الكرة بقوة، فما كان على عبروق سوى تتبعها بعينيه وهي تسكن الشباك''.