وأنت تتجول في شوارع الحي العتيق والشعبي بلوزداد، معقل الفريق الذي ظهر إلى الوجود عام 2691 تدرك أن هناك حركة غير عادية والكل يحضر بطريقته لنهائي 12 ماي الجاري، حيث زينت الشرفات والمحلات بالرايات العملاقة وأقمصة لاعبي بلوزداد التي كتب عليها ''تحيا شباب بلوزداد''، ''نحن الأبطال''، ''الكأس السادسة لنا''، كما تشهد الأرصفة تواجدا مكثفا للباعة المتجولين الذين يعرضون عليك قبعات، أقمصة وشارات ورايات تحمل الألوان الحمراء والبيضاء وصور نجوم الفريق، على غرار الحارسين نسيم أوسرير وسيد أحمد فلاح، وكذا الرباعي بوسحابة، نيبي، صديق براجة ومسجل هدف التأهل إلى النهائي أمام اتحاد عنابة ''الغائب الحاضر'' حسين فنير، والكل يتهافت على شرائها، كبار وصغار، رغم غلاء سعر بعضها• ويرى نبيل أحد الباعة أن ''الأجواء جد مميزة هنا ببلوزداد، فالكل يريد الحصول على راية أو قميص أو حتى قبعة لمناصرة فريقه المفضل• الشباب يؤدي موسما متميزا عكس الموسمين المنصرمين حيث كان يتخبط في ذيل الترتيب• أتمنى أن نتوج بالكأس السادسة التي اشتقنا لها كثيرا والتي غابت منذ 1995 تاريخ فوزنا على أولمبي المدية بملعب 5 جويلية• لقد حققنا الدكليك وطردنا النحس الذي دام 14 سنة كاملة بفوزنا الأخير على نصر حسين داي• واعتقد أننا في أحسن رواق للفوز بالسيدة الكأس ولا نخشى أهلي البرج''• أما عمي الطاهر صاحب ال65 عاما والذي كان بصدد شراء قميص اللاعب البوركينابي نيبي وشارة تحمل ألوان شباب بلوزداد مقابل 1500 دج، فكان فضولنا كبيرا حين سألناه حول سر شرائه قميص ذات اللاعب دون سواه، فرد علينا وهو يبتسم ''إنه لاعب مميز يذكرني بعلي موسى ودمدوم فمنذ التحاقه بالفريق تغير أداء بلوزداد، فقد صار الهداف رقم واحد وأشفى غليلي حين وضع حدا لسيطرة نصر حسين داي بإصابة رائعة• لكن بحكم سني لن أتنقل إلى البليدة بل سأهديه إلى حفيدي مروان الذي يعشق هو الآخر، كجده، شباب بلوزداد حتى النخاع، والكأس ستكون لنا•• أنا متأكد''• سيد أحمد ينتظر مولودا ''بلوزداديا'' ويعد ب''طمينة مميزة'' في حال التتويج لكن الذي لفت انتباهنا هو المناصر سيد أحمد صاحب ال23 ربيعا والذي وجدناه قلقا بعض الشيء• ولما سألناه عن السر قال لنا إنه ينتظر مولودا في الساعات القليلة القادمة، متمنيا أن يكون فأل خير على فريقه المفضل ''إنه مولودي الأول وبكل صراحة أتمنى أن يكون فأل خير على فريقي• وأعد ''أولاد حومتي والأنصار ب''طمينة مميزة'' بطعم الجراد الأصفر (يضحك)''• كل الطرق تؤدي إلى البليدة والخاسر من لا يتنقل كما كانت لنا الفرصة للحديث مع بعض الأنصار الذين بدأوا في التحضير ل''غزو'' مدينة الورود صبيحة هذا الخميس، ''نحن نستعد منذ بداية الأسبوع لحضور النهائي رفقة أولاد الحومة، فقد قمنا بتأجير 5 حافلات كاملة لنقل الأنصار إلى ملعب مصطفى تشاكر وسنغزو مدينة البليدة• لقد حضرنا كل شيء الأغاني، الألعاب النارية، أتمنى أن نحضر إلى عرس كروي ويتوج الشباب لتعم الأفراح كل أحياء بلوزداد والخاسر من الذي لا يتنقل معنا''• ''14 سنة بركات•• وهذا العام عامنا'' حين اقتربنا من بعض الشبان أحسسنا بأن لديهم رغبة كبيرة في التتويج وهو الذين لا يتذكرون آخر تتويج بلوزدادي والذي كان عام 1995 ضد أولمبي المدية بملعب 5 جويلية بهدفين لهدف واحد أيام ''العشرية السوداء'' التي مرت بها بلادنا، وهو ما قاله لنا شكيب صاحب ال18 ربيعا ''لم يكن سني يتجاوز ال4 سنوات، وأتذكر جيدا يومها أن والدي يرحمه الله كان يرقص ويغني فرحًا مع بعض أولاد الحومة، وتمنيت أن يصل فيه اليوم الذي نحتفل به بالنجمة السادسة• وقد أثرت فينا كثيرا خسارة نهائي 2006 ضد اتحاد العاصمة وأتمنى أن لا يتكرر ذلك هذا الخميس لأن 14 سنة بركات''• بلوزداد أو ''بلكور'' كما كان يدعى في حقبة الاستعمار، هذا الحي الشعبي الشهير الذي يعرف اكتظاظا وازدحاما متواصلين ومنقطعي النظير، يعد معقلا للمثقفين والفنانين والرياضيين• فقد شهد هذا الحي ميلاد أسماء تركت بصمات من ذهب في تاريخ الجزائر، من بينها في مجال الأدب الفائز بجائزة نوبل ''ألبير كامو'' وفي مجال الكفاح الوطني لا سيما الشهيد ''محمد بلوزداد''• كثيرة هي أحياء بلوزداد التي صنعت لها اسما يرن في أذن السامعين ويعرفه الكل (الصغير والكبير والرجل والمرأة•••) على غرار حي العقيبة والحامة وحي محي الدين، وهي المواقع التي كان لها دور بارز وحاسم خلال تظاهرات 11 ديسمبر 1961• شباب بلوزداد هو أيضا حي وذكريات وتاريخ خاص وناد أسطوري طالما حلم العديد من اللاعبين بالانضمام إليه، كما أعطى الشباب ''بلاعبيه الأسطوريين'' مغزى خاصا لهذا الحي الذي يوجد به أحد أكبر شوارع العاصمة الذي يمتد من ساحة الفاتح ماي إلى حي العناصر، حيث تم تشييد ملعب 20 أوت 55 ثم نحو القبة وحسين داي أو نحو أعالي المدنية• بلوزداد هي أولا وأخيرا معقل شباب بلوزداد الذي شكل لاعبوه العمود الفقري للمنتخب الوطني سنوات الستينيات على غرار بوبكر، عبروق عاشور، لالماس، كالام والكل ينتظر النجمة السادسة معلنة عن بداية الأفراح بعدما احتفل الأنصار ب''الاستقلال'' الإثنين الفارط بعد الفوز على الغريم التقليدي نصر حسين داي، والكل سيكون على أعصابه هذا الخميس• إنه الحدث الذي لا يجب تفويته بأي ثمن من أي بلوزدادي يحمل الألوان البيضاء والحمراء في دمه• عبروق وسالمي يتحدثان عن تتويجاتهما مع بلوزداد ''الفوز بالكأس له نكهة لا تقارن'' استعرض أحد أفضل حراس المرمى في تاريخ الكرة الجزائرية وحارس شباب بلوزداد لسنوات الستينيات، محمد عبروق، أكبر محطات مشواره الرياضي، لا سيما المقابلات النهائية الثلاث لكأس الجزائر التي توج بها مع فريقه سنوات (1966-1969-1970)• ''لقد كانت لحظات مليئة بالسعادة والافتخار• فالفوز بكأس الجزائر له دائما نكهة خاصة لا تقارن• مع شباب بلوزداد شعرت بهذا الإحساس الفريد الذي يجلبه التتويج بالسيدة الكأس''• وذكر الحارس السابق في هذا الصدد أن مدرب الفريق آنذاك، أحمد زيتون، قرر إقحام الحارس الآخر ناصو، ''كان ذلك خياره، لكن الأهم أنني كنت ضمن التشكيلة التي منحت للفريق أول كأس''• وكان له الدور البارز والكبير في تتويج فريقه في نهائيي 1970 و1980 على حساب اتحاد العاصمة• وبشأن هذا أردف قائلا ''لن أنسى أبدا تلك اللحظات المثيرة• لقد تمكنا من افتكاك السيدة الكأس مرتين على التوالي على حساب اتحاد العاصمة الذي أظهر بدوره وجها رائعا و قدم أداء ممتازا لا سيما أنه كان يضم في صفوفه لاعبين بارعين''• لكن النهائي الذي أعيد في سنة 1970 يبقى في نظر عبروق ''محفورا إلى الأبد في ذاكرته'' لعب ب20 أوت 1955 بحضور جمهور غفير من هواة الكرة المستديرة• ''يوم 21 ماي سأكون مائة بالمائة مع بلوزداد'' وعن نهائي هذا الخميس، يتوقع عبروق أن تكون المواجهة مثيرة و ساخنة،''النهائي هو النهائي، وفي مثل هذه المقابلات يصعب التكهن بالنتيجة النهائية''• من جهته وبتأثر كبير واسترسال جميل، عادت ذاكرة أحد صانعي أمجاد شباب بلوزداد، سالمي جيلالي، ليصف الشعور والجو الاستثنائي الذي عاشه رفقة زملائه في المقابلتين النهائيتين اللتين توج فيهما الفريق العتيق لشباب بلوزداد بكأسي الجزائر عامي 1966 و1970 على حساب اتحاد العاصمة دون أن يبخل علينا بكشف سر علامة النصر التي تلازم وتزين قميص الشباب لغاية اليوم، ''لقد كان التنافس شديدا في المقابلتين النهائيتين بين فريقين كبيرين في تلك الفترة فشباب بلوزداد واتحاد الجزائر كانا يضمان أحسن عناصر البطولة''• وأضاف ''في عام 1966 لم أكن ضمن تشكيلة الفريق• لكن ثلاث سنوات فيما بعد تذوقت طعم التتويج بالكأس• كان ذلك على حساب اتحاد العاصمة في مقابلة نهائية مميزة للغاية''• البطولة موسمين متتاليين 99/2000 و2000/2001 تلك الفترة كانت انطلاقة عهد جديد، بفضل تشكيلة ثرية بشبان من أمثال بختي وباجي وعلي موسى وسطارة وبوطالب وطاليس وغيرهم، حيث عمل الشباب على تحقيق الأهداف المسطرة من طرف الإدارة، كما كان لتدعيم التشكيلة العاصمية بخدمات ثنائي مولودية وهران مزوار وبوكساسة أثر إيجابي على الشباب، ليأتي يوم السعد على الشباب في موسم 99/2000 ويشهد على تتويج الشباب بالبطولة الخامسة في تاريخه بعد 30 سنة من الانتظار والبطولة الأخيرة في القرن العشرين بالإضافة إلى تتويجه في نهائي كأس الرابطة للأندية للمحترفين أمام مولودية وهران في مارس 2000، ثم جاء موسم 2000/2001، ليتوج الفريق بلقب البطولة السادسة في تاريخه وللمرة الثانية على التوالي وهذا بعد التحاقه برائد البطولة اتحاد العاصمة وشبيبة القبائل قبل 7 جولات فقط من انتهاء الموسم ونال البطولة ب26 نقطة وبفارق 7 نقاط عن ملاحقيه اتحاد العاصمة و10 نقاط عن شبيبة القبائل• بعض الأرقام القياسية للشباب 1- بطل الجزائر ب72 نقطة في 64/65 2- سلسلة 23 مباراة دون انهزام 3- تحقيق 9 انتصارات متتالية موسم 64/65 وقد تمكنت شبيبة القبائل من معادلة الرقم في موسم 85/86 وعاد الشباب لتحطيم الرقم مجددا ب10 انتصارات متتالية موسم 2000/2001 4- الثنائية: شباب بلوزداد هو أول فريق من حيث عدد التتويج بالبطولة والكأس بالإضافة إلى الكأس المغاربية• 5- أحسن هجوم لكل الأوقات 65/66 (63 هدفا)، 66/67 (43 هدفا)، 67/68 (39 هدفا)، 71/72 (35 هدفا)• 6- لالماس أحسن لاعب لكل الأوقات ب150 هدف، وحفاظه على رقمه القياسي إلى يومنا هذا في عدد الأهداف المسجلة في نهائيات كأس الجمهورية ب6 أهداف في 3 نهائيات• 7- في موسم 69/70 لم ينهزم الشباب إلا مرة واحدة أمام مولودية وهران، وكادت بعده شبيبة القبائل أن تعادل هذا الإنجاز إلا أنها انهزمت مرتين موسم.79/80