لا يختلف اثنان حول الحالة المزرية لمستشفياتنا التي باتت، وللأسف الشديد، كل الخطوات التي قطعت في سبيل تحسين صورة الطبيب والممرض و''عساس'' الباب لم تجد نفعا، لأن النوايا الحسنة لا تعني على الإطلاق النجاح، وفي كل يوم يمر، نكتشف أن ''السبيطار'' يعني المحطة ما قبل الأخيرة قبل الموت. لماذا كل هذا؟ الجواب موجود في صدور بارونات القطاع. يريدون فتح عياداتهم الخاصة لهم ولأبنائهم وبناتهم وزوجاتهم و، و... على حساب صحة المرضى، مثلما جرى في قطاعات النقل والتعليم تحت عنوان كبير تحرير السوق وتشجيع المنافسة من أجل خدمة جيدة. إذا كان كذلك، فلماذا تسكت الحكومة عن الحفرة في ''سبيطارات الشعب''، وتغض طرفها عن تنصل عياداتها الخاصة من مسؤولية الأخطاء المميتة والعاهات المستديمة. إن الكلام الكثير وتعدد التصريحات مؤشر على قلة الحيلة والجدية في إصلاح الصحة في بلدنا.. وعندما يسافر مسؤول كبير على عجل إلى أوروبا لأن ضرسه يؤلمه أو لتغيير نظارته الطبية، ولما يتكفل صندوق الضمان الاجتماعي بأفراد أسر المسؤولين للعلاج خارج الوطن، على حساب دونهم من المرضى الذين لا ''معريفة'' لهم سوى الله تعالى، ندرك مدى الاستهتار بصحة المواطن ولا دليل على إخلاص للنهوض بالقطاع. عندما يسند الأمر إلى غير أهله يتحول عامل نظافة في أكبر مستشفى إلى مدير يأمر وينهى ويحدد المواعيد ويعطل السكانير، بل ويحكم حتى في الطبيب والقابلة والبروفيسور.. واسألوا أهل الاختصاص إن كنتم لا تصدقون، تسمعون العجب العجاب ! إننا لا نعيد اكتشاف الفحم إذا قلنا إن مؤسساتنا الصحية مريضة بكوادرها، ومسؤوليها، وفي درجة ثانية بمن يظن نفسه مالكا لها من العامل البسيط إلى المدير أو البروفيسور.. مرورا بالنقابيين الذين همهم الوحيد قطع رأس ولد عباس الذي هو ''فاريها'' من زمان، وليس محاربة المرض والبحث عن كل جديد في عالم الطب. هذا هو الفشل بعينه، عندما يقصد المريض السبيطار أو المستوصف وهو خائف من ألا يرجع إلى أولاده وإخوته وزوجته، أو يعود فقط لتوديعهم. لقد ماتت قلوب ''ملائكة الرحمة''، وقبلهم قست قلوب الأطباء، و''اسود'' المستقبل بسبب صراع النقابات على صناديق الشؤون الاجتماعية، وكل ذلك تحت الرعاية السياسية للحكومة، للبقاء أطول مدة ممكنة حتى لو أصيب نصف الشعب بالسكري وارتفاع الضغط الدموي، والنصف الآخر بالسرطان.. عافانا الله وإياكم.