ليس للمسافر أن يفطر إلاّ في سفر يقصر في مثله الصّلاة، يعنى مسافة ثمانية وأربعين ميلا فصاعدًا، برًا كان أو بحرًا في سفر واحد، ذاهبًا أو راجعًا، ولا إن نوى الإقامة، حيث يرحل أربعة أيّام فأكثر وبعبارة أخرى إذا جاز له تقصير الصّلاة جاز له الإفطار. والمسافر مخيّر في الصّوم أو الفطر، فإن صام في السفر أجزأه، والصّوم عندنا أفضل فيه من الفطر لمَن قدر عليه، ولا يجوز أن يصوم متطوّعًا في سفره، ويترك الفرض في رمضان. ولا يفطر المسافر حتّى ينهض مسافرًا، ولا يجوز لأحد أن يُبيِّت الفطر وهو حاضر لسفره في غده أو لعمل شاق كحصاد يقوم به الغد. ومن اختار الصّوم في رمضان في سفره لزمه التبييت كلّ ليلة، ومن أصبح صائمًا ثمّ خرج مسافرًا فلا يفطر، فإن أفطر، وذلك في رمضان فعليه القضاء فقط على رأي الجمهور، ولا شيء عليه إن كان متطوّعًا. وإن أفطر قبل أن يخرج لعزمه على سفره فعليه القضاء والكفارة. ومَن بيّت الصّيام في سفره فأصبح صائمًا فليس له أن يفطر وإن أفطر فعليه القضاء، لأنّه على أصله، وأصل المسافر إباحة الفطر والتخيير. ولا يفطر المريض حتّى تصيبه مشقة غير محتملة وليس لذلك حد، ويعذر بالعذر، ولو تحامل المريض فصام في الحال الّتي له أن يفطر فيها أجزأه مع الكراهة لأنّه ألقى بنفسه إلى التهلكة وقد نهانا الله عن ذلك بقوله: ''ولا تُلقوا بأنفسكم إلى التهلكة وأحسنوا'' البقرة,195 وقوله تعالى: ''ولا تقتُلوا أنفسكم إنّ الله كان بكم رحيمًا'' النساء.29 وقوله جلّ ذكره ''وما جعل عليكم في الدّين من حرج'' الحج .78