يجوز الفطر في السّفر، والمراد بالجواز هنا الكراهية، أي أنّ الصّوم فيه مندوب والفطر فيه مكروه، ودليل مشروعية الفطر فيه قوله تعالى: {فمَن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدّة من أيّام أخَر}. وأخرج مالك في الموطأ عن أنس قال: سافرنا مع رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، في رمضان، فلم يحب الصّائم على المفطر، ولا المفطر على الصّائم''. وأخرج مالك في الموطأ عن حمزة بن عمرة الأسلمي قال: يا رسول الله، إني رجل أصوم، أفأصوم في السّفر؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر''. ودليل استحباب الصّوم وكراهية الفطر قوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم}. قال سادتنا المالكية: لأنّ الصّوم عزيمة، والفطر رخصة، والعزيمة أفضل من الرخصة، ما لم تعد بالضرر. والفرق بين الصّوم في السّفر أفضل، وبين القصر فيه أفضل أنّ الذمّة تبقى مشغولة بالقضاء عند الترخّص بالفطر، بخلاف القصر، فإنّ الذمّة لا تبقى مشغولة. وقال العلاّمة القرطبي: جلّ مذهب مالك التخيير بين الصّوم والإفطار. شروط الفطر في السّفر أن يكون السفر قصر، فإن أفطر الصائم في سفر دون القصر، متأوّلاً، فعليه القضاء فقط. وأن يكون مباحاً لا سفر معصية، فإن كان معصية وأفطر، فعليه الكفارة مع القضاء مطلقا لظهور الانتهاك فيه. وأن يبيِّت نيّة الفطر. وأن يشرع في السفر قبل الفجر في أول يوم، بأن يعدّي البساتين المسكونة قبله، أي قبل الفجر. فإن بيّت الفطر بحضر ولم يشرع في السفر قبل الفجر، بل شرع بعده أو لم يسافر أصلا، فإن عليه القضاء والكفارة، وإن بيّت نيّة الصّوم بسفر وطلع عليه الفجر وهو ناويه ثم أفطر، فإنه يلزمه الكفارة.