قال تعالى: {إنّا أنزلناه في ليلة القدر × وما أدراكَ ما ليلةُ القدر × ليلةُ القدر خيرٌ مِن ألف شهر × تنزَّل الملائكةُ والرُّوحُ فيها بإذن ربِّهم من كلّ أمر × سلاَمٌ هي حتّى مطلع الفجر} سورة القدر. فليلة القدر ليلة مباركة، جعل الله فيها من الخير والبركة الشيء الكثير، فضلاً منه سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين. وعلى المؤمن أن يتحرّى ليلة القدر ليحييها بالقيام وقراءة القرآن وبالدعاء. ويشرع القنوت في الوتر اتّباعًا لهدي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، إلاّ أنّه ينبغي على الأئمة عدم التّطويل من المشقة على المأمومين، وإذا كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لمعاذ رضي الله عنه لمّا أطال صلاة الفريضة: ''أفتّان أنتَ يا معاذ؟'' فكيف في هذه الحال؟ والأولى أن يلتزم الإمام القانت في صلاة الوتر واللفظ الوارد عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي علّمه سبطه الحسن بن عليّ رضي الله عنهما، فيدعو به بصيغة الجمع مراعاة لحال المأمومين وتأمينهم عليه، ونصّه: ''اللّهمّ اهدنا فيمَن هديت، وعافنا فيمَن عافيت، وتولّنا فيمَن تولّيت، وبارِك لنا فيما أعطيت، وقِنَا شرَّ ما قضيت، فإنّك تقضي ولا يُقضَى عليك، وإنّه لا يَذِلُّ مَن واليت، ولا يعزُّ مَن عاديت، تباركت ربّنا وتعاليت، لا منجى منك إلاّ إليك'' رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم وهو صحيح. وعن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقول في آخر وتره: ''اللّهمّ إنّا نعوذ بك برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا نحصي ثناء عليك، أنتَ كما أثنيت على نفسك'' رواه مسلم. ثمّ يصلّي على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كما ثبت ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم، وإنْ أراد الزيادة بالأدعية الثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم علّمها ما تقول إن أدركت ليلة القدر، فقال لها قولي: ''اللّهمّ إنّك عفو تُحبُّ العفو فاعفُ عنِّي'' رواه الترمذي وابن ماجه وهو حديث صحيح، وما التركيز على ليلة القدر إلاّ لأنّها تقع في العشر الأواخر، وفي الوتر منها.