الصّحابي الجليل بلال بن رباح الحبشي رضي الله عنه، وكان بلال قد بدأ يسمع عن الرّسول الّذي جاء بدين جديد يدعو إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، ويحث على المساواة بين البشر، ويأمر بمكارم الأخلاق. وسمعهم يتحدّثون عن أمانته ووفائه ورجاحة عقله، وسمعهم يقولون: ما كان محمّد يومًا كاذبًا ولا ساحرًا ولا مجنونًا. فذهب بلال إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليسلم لله ربّ العالمين، وينتشر خبر إسلام بلال في أنحاء مكة، ويعلم سيّده أمية بن خلف فيغضب غضبًا شديدًا، وأخذ يعذّبه بنفسه، وكانوا يخرجون به إلى الصّحراء في وقت الظهيرة، ثمّ يطرحونه عاريًا على الرمال الملتهبة ويأتون بالحجارة الكبيرة ويضعونها فوق جسده، ويتكرّر هذا العذاب الوحشي كلّ يوم، ويظلّ بلال صابرًا مصمّمًا على التمسّك بدينه، فيقول له أمية بن خلف: لا تزال هكذا حتّى تموت أو تكفر بمحمّد وتعبد اللات والعزى''، فيقول بلال: أحد.. أحد!!، إلى أن مرّ به أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه فاشتراه من أمية بن خلف وحرّره. وبعد هجرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمسلمين إلى المدينة واستقرارهم بها، وقع اختيار الرّسول على بلال ليكون أوّل مؤذّن للإسلام، ولم يقتصر دور بلال على الأذان فحسب، بل كان يشارك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في كلّ الغزوات، ففي غزوة بدر أول لقاء بين المسلمين وقريش دفعت قريش بفلذات أكبادها، ودارت حرب عنيفة قاسية انتصر فيها المسلمون انتصارًا عظيمًا. وفي أثناء المعركة لمح بلال أمية بن خلف، فقتله. وعاش بلال مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يؤذّن للصّلاة. وحزن حُزنًا شديدًا لوفاة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يستطع أن يعيش في المدينة بعدها، فاستأذن من الخليفة أبي بكر في الخروج إلى الشام ليجاهد في سبيل الله، وظلّ يجاهد بها حتّى توفي رضي الله عنه.