المحدث الحافظ الرحالة الفقيه، إمام اللغة الأديب الشاعر عبد الملك بن زيادة الله أبو مروان الطبني، ينتمي إلى عائلة هاجرت من مدينة طبنة (بريكة) واستقرّت بمدينة قرطبة. وُلد يوم الثلاثاء السادس من ذي الحجّة من سنة 693ه الموافق ل6001م، في مدينة قرطبة الّتي هاجرت إليها الكثير من الأسر الطبنية، وقد نشأ في بيت علم ودين وأدب وشرف ونسب، فحفظ القرآن الكريم وقرأ مبادئ العلوم والعربية والفنون وحفظ المتون، فكان والده أوّل شيوخه، واستفاد أيضًا من علم وأدب أعمامه وأبناء عمومته. وبعد أن بلغ سن الطلب أرسله والده إلى مجالس العلم بقرطبة الّتي كانت حاضرة العلم والأدب، فكان يغشى مجالس العلماء والشيوخ والأدباء فتمكّن من علوم وفنون عصره من لغة وشعر وفقه وتفسير للقرآن الكريم وتجويده، وبرع في الحديث الشّريف. ثمّ طاف بمدن الأندلس للسّماع والأخذ والكتابة عن علمائها ومسنديها، فزار مالقة والمرية ومرسية وسرقسطة وإشبيلية. وكانت له رحلات متعدّدة إلى المشرق، حيث بدأ رحلته الأولى في بداية سنة 814ه بالتوجّه إلى الجزائر فزار مدينته طبنة، ثمّ بونة (عنابة)، ثمّ انتقل بعدها إلى تونس (القيروان، المنستير والمهدية)، ثمّ توجّه إلى مصر (القاهرة، الإسكندرية والفسطاط)، وأخذ عن علمائها وأجازه، ثمّ الحجاز حيث أدّى فريضة الحجّ وسمع وأخذ عن علماء الحرمين الشّريفين، ثمّ إلى بغداد ودمشق والموصل، كما زار صقلية، فأخذ عن علمائها. تولّى أبو مروان التّدريس وعقد مجالس الإملاء في الكثير من المدن التي زارها خلال رحلاته المتعددة، ورحل إليه النَّاس من الأقطار لسماع مروياته واستجازه مَن لم يستطع الاجتماع به، وتذكر المصادر أنه كان يحضر مجالسه ويتزاحم فيها الكثير من العلماء وطلبة العلم. توفي، رحمه الله، مقتولاً في داره بقرطبة في ربيع الآخر سنة 745ه، ودفن في اليوم الثاني من مصابه، ولم يتخلّف أحد عن جنازته ممّن سمع خبره.