ولد الشيخ أبو العباس العام 580ه/1184م، في تيفاش، وهي قرية صغيرة تابعة لولاية سوق أهراس، وكانت تيفاش آنذاك تابعة لمدينة ففصة التونسية ولذلك يكنّى في بعض المراجع بالففصي. نشأ التيفاشي في أسرة ذات جاه وحسب، حيث إن والده كان يشغل منصب القضاء في مدينة ففصة، وعمّه يحيى بن أحمد، أديب وشاعر مقرب من الحكام والسلاطين. أُدخِل إلى كُتَابِ قريته، حيث حفظ القرآن الكريم وتعلّم مبادئ اللغة العربية، لينتقل بعدها مع أسرته إلى مدينة ففصة. وفي ففصة درس على والده، واتبع كثيراً من خطواته؛ ولعلّ شغفه بعلوم الأوائل إنّما كان تأثّرًا به، واعتمادًا على الكتب الّتي جمعها أبوه في تلك العلوم، ومنها انتقل إلى تونس فسمع فيها على أساتذة منهم أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن جعفر المقدسي، ثمّ غادرها إلى مصر وهو لم يبلغ الرابعة عشر من العمر، فكان ينتقل بين مجالس العلماء ومقابلة الشيوخ، فقرأ وتفنّن واستفاد كثيرًا، بعدها انتقل إلى دمشق وبغداد واشتغل بهما على علمائها وأدبائها. وبعد هذه الرحلة العلمية، عاد إلى مدينة ففصة واستقرّ بها وعيّن في وظيفة القضاء التي لم يستمر فيها طويلاً، ليستأنف رحلاته العلمية، خاصة ما يتعلّق بعلم المعادن والحجارة، حيث عرفت عنه خرجاته وجولاته الميدانية لاستخراجها والبحث عنها وإجراء التجارب التّطبيقية عليها والبحث عن المتخصّصين والمهتمين بهذا العلم. أصيب الشيخ أبو العباس بالصمم في السنوات الأخيرة من عمره، وأصيب بع ذلك أيضًا بنزول الماء من عينيه حتّى عمي، فقدحهما وأبصر واستأنف الكتابة، وعوفي، وكانت وفاته، رحمه الله، في 13 محرم سنة 651ه/1253م بالقاهرة ودفن بمقبرة باب النصر