عرف الغرب كيف يضرب عواطف المسلمين في أعز ما يملكون، الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم). عندما يتجرأ مثل هؤلاء على المساس بمقدساتنا هذا يعني أن الهوان والذل تمكن منا إلى العظم، وبات العدو يتلاعب بعواطفنا ورموزنا ومقومات حضارتنا متى شاء وكيف ما شاء. للحرب على المسلمين منذ قرون دلالات في هذا الوقت بالذات. أولا، التغييرات التي حدثت في الدول العربية التي عرفت مجيء إسلاميين إلى سدة الحكم فيها، إذ أن إطلاق مثل هذا الفيلم المسيء لعقيدة المسلمين اختبار صريح لمدى قدرة هؤلاء على صيانة الأمن وامتحان لنواياهم إزاء الإمبراطورية الأمريكية. ثانيا، هناك شيء ما يطبخ لقضية الشرق الأوسط المركزية، فلسطين، وغير بعيد عنها تسريع وتيرة تحطيم النظام السوري، الذي يبدي مع مرور الأيام مقاومة لترسيخ دعائم مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي لأجله قامت الدنيا ولم تقعد بعد. وعندما يسأل أحدنا كيف السبيل إلى صيانة ديننا من الازدراء، ومقدساتنا من التهويد، ورسولنا الكريم من الإساءة والسخرية، فإنه لا يوجد طريق غير المبادرة.. ليس بالفوضى أو دفع عموم الناس إلى الواجهة، وإنما بالحكومات وباللوبيات والجماعات الضاغطة وبالمقاطعة في عقر دار هؤلاء المزدرين المدعومين بما لا يدع أي مجال للشك بعصابات صهيونية حاقدة على العرب والمسلمين. ولا تبدو الطريق صعبة، فقد فعلتها إسرائيل من قبل، وباتت تعاقب كل من يسبها أو يمس شعرة من شعرات رموزها الأحياء منهم والأموات، عبر الضغط على أنظمة والحكومات الغربية لاستصدار قوانين تجرّم معاداة السامية التي هي منهم براء. لقد ضرب المسلمون، عبر التاريخ، أروع الأمثلة في التسامح والرحمة إزاء أعدائهم في أوج حالات الصراع والحروب، عن مقدرة وليس ضعفا أو خوفا.. فلماذا يصر الغرب، عبر أذنابه، على التستر وراء شعار حرية الفكر والتعبير للاعتداء على مقدسات أمة بأكملها! إن مهمة الدفاع عن الإسلام ورسولنا الكريم معقودة في عنق الحكومات العربية والإسلامية أولا، وإن كانت تستند إلى شرعية الشارع طبعا، فإنها لا محالة ستنتصر في هذه الصراع بين الحضارات. ثم تمكين النخب الوطنية للاضطلاع بدورها في تنوير مجتمعاتها بما يتلاءم مع خصوصيتها بعيدا عن التطرف والتميع المنبوذين. [email protected]