هوّن رئيس حركة مجتمع السلم، السيد أبو جرة سلطاني، من حجم الشرخ في الحركة الذي أحدثه رحيل عمر غول وبعض إطارات حمس نحو حزب ''تاج''، وأضاف: ''الذين انسحبوا كانوا جنرالات متقاعدين سياسيا في الحركة منذ سنوات''، ولذلك لم ''يكن لهم تأثير''، على حد تعبيره. ورد سلطاني على تصريحات غول بالقول ''نريد أن يرمينا بالعهدة وليس بالتفاح''. وأعرب زعيم حمس عن قناعة بأن الربيع العربي سيحل بالجزائر، لأن ''القبضة الحديدية للنظام لن تستمر طويلا والشعب لما ينتفض سيطالب بالحساب''. أطالب هؤلاء باسم الملح الذي أكلناه سويا، بأن يهدوا لي عيوبي قال رئيس حركة مجتمع السلم إنه يتحمّل كامل المسؤولية فيما حصل من انشقاقات، منذ استلم قيادتها في أوت 2008 خلفا للمؤسس المرحوم محفوظ نحناح. ويذكر أن فريق عبد المجيد مناصرة، خرج من الحركة ''بذريعة أننا ارتمينا في أحضان السلطة''. وفريق عمر غول اتهمه، حسبه، بشق عصا الطاعة عن نفس السلطة. ويتساءل سلطاني: ''ليقولوا لنا ماهي الوضعية التي يريدوننا أن نكون فيها؟!''. وقلّل سلطاني، عندما نزل ضيفا على ركن ''فطور الصباح''، من أهمية استقالة غول وبعض القياديين من حمس. وأوضح بأن ''الذين انسحبوا من الحركة كانوا جنرالات متقاعدين سياسيا، فقد كانوا لا يعملون شيئا في الحزب، وخروجهم منه لم يترك أي فراغ''. وإذا كانت جماعة مناصرة أخذت 7 بالمائة من الصفوف، فجماعة غول لم تجر إليها أكثر من 3,0 بالمائة منها، وأغلب هذه النسبة تتكون من قياديين، حسب سلطاني. ودعا سلطاني معارضيه السابقين في حمس، إلى ''أن يدلوني على أخطائي.. إنني أناشدهم أن يهدوني عيوبي حتى لا أتركها لمن يأتي من بعدي في رئاسة الحركة''. وأضاف: ''الذين انشقوا عنا ورمونا بالفساد والانحراف والارتماء في أحضان السلطة، أطلب منهم أن يظهروا لي أخطائي. فالذين انشقوا بعد المؤتمر الرابع (2008) والذين انشقوا بعد انتخابات 10 ماي الماضي، يرددون لغة الخشب. الفريق الأول يتهمنا بالارتماء في أحضان السلطة، والثاني يعيب علينا الخروج إلى المعارضة. فما هي الوضعية التي يريدون أن نكون فيها؟''. وتابع سلطاني بخصوص خصومه السابقين: ''في 2008 قالوا إن الحزب تحول بسبب القيادة إلى هيكل سياسي لا روح ولا بعد دعوي، فأنشأوا حركة دعوية. وفي 2012 قالوا إن الحركة أصبحت مغلقة على مختلف مكونات المجتمع. أنا أطالب هؤلاء باسم الملح الذي أكلناه سويا، بأن يهدوا لي عيوبي''. مشيرا إلى أن بعض أعضاء المكتب الوطني لحمس، انسحبوا بمناسبة الانشقاق الأخير، ''بطريقة فيها ما يؤخذ من دروس''. وقال إن قياديين خرجوا من الحركة ''بنوا شهرة بفضل وسائل الإعلام، فإذا نزلوا إلى الميدان لا يملأون العين''. الحكومة الحالية عمرها الافتراضي ينتهي بعد 20 شهرا قال سلطاني إن نواب تكتل الجزائر الخضراء سيتعاملون مع مخطط عمل الحكومة المعروض في البرلمان بأن ''يقولوا لمن أحسن أحسنت ولمن أخطأ أخطأت''، مؤكدا أن الحركة ''لن تصوّت للون السياسي وستتعامل مع المضامين والمقاصد، وإذا غلب شر البرنامج على خيره سنقف ضده''. وأوضح سلطاني أن تكتل الجزائر الخضراء في دراسته لمخطط عمل الحكومة، رسم 3 مستويات، في جانبه السياسي وجدنا أنه برنامج إجرائي أكثر منه برنامج تكميل وتتميم لما تبقى إنجازه في برنامج الرئيس 2009، كما سجلنا ''غياب الحديث عن المصالحة الوطنية''. في المستوى الثاني، وهو جانب تقني مثلما أوضح سلطاني ''لاحظنا تحسنا في الجبهة الاجتماعية من خلال التكفل بالكثير من المطالب، لكن في مقابل عدم الذهاب في مخطط عمل الحكومة بقوة إلى البعد السياسي''. وعن التعليمات المعطاة إلى نواب التكتل حول طريقة تعاملهم مع المخطط، ذكر زعيم حمس ''ليس لدينا نية للذهاب إلى إسقاط البرنامج''، مشيرا إلى أن ''التصويت بنعم أو لا على مخطط عمل الحكومة لم يحدد بعد وسيتقرر مع مرور المناقشة''. وينظر زعيم حركة حمس أن حكومة سلال الحالية لن تعمّر طويلا، وقال إن ''عمرها الافتراضي ينتهي بعد 20 شهرا''، في إشارة إلى أن رئاسيات 2014 وما سيتولد عنها ستفرض معطيات أخرى. وأبدى سلطاني قناعة بأن الربيع العربي سيمر حتما على الجزائر، مرجعا أسباب تأخره مقارنة بما حدث في دول الجوار أن ''النظام في الجزائر استطاع أن يتحكم في الثور من قرنيه، عبر تحكمه في المؤسسات الرقابية وفي الشعب''، مشيرا في هذا الصدد إلى ما قال ''عن كيفية هندسته للانتخابات التشريعية''، لكن في منظور سلطاني ''هذه القبضة الحديدية لن تستمر''، ودليله في ذلك أن ''القفة التي تتحكم في الجزائر لم نعد نتحكم فيها، لأننا نستوردها ونستورد معها التضخم الذي يضرب القدرة الشرائية''. وموازاة مع تأكيده عن ''تخوفه من تراكمات مشاكل وأزمات يصعب حلها''، يرى سلطاني أن ''الشعب الجزائري يصبر طويلا لكنه عندما ينتفض يطالب بالحساب''. مشاركتنا في الحكومة كانت بمثابة هدنة تناول أبو جرة سلطاني شقا من المآخذ التي وجهت لحركته، ويتعلق بمشاركته في الحكومة، طيلة أكثر من عشر سنوات، حيث برر المشاركة ب''حماية الدولة من التمزق والدين من التشويه''. واعتبر رئيس ''حمس'' المشاركة في الحكومة بمثابة ''هدنة''، حيث قال ''حتى الرسول الكريم أقر هدنة بعشر سنوات''، لكنه اعترف بأن ''الهدنة'' تجاوزت مهلتها. لكن المتحدث أعاب على قيادات سابقة في حركته ما وصفه بأنهم ''ربوا الكبدة على الحكومة''، في إشارة إلى الوزيرين عمر غول ومصطفى بن بادة، وقال ''حتى وإن أردت أن تخلعه من الحكومة وجب عليك خلع كبدته''، بينما تحدث عن نفسه أنه ''لم يرب الكبدة على السلطة لما كان وزيرا ولم يربها كذلك وهو رئيسا للحركة''. وانتقد سلطاني نمط تعاطي السلطة مع المعارضة في الجزائر، وقال ''على الدولة أن تحرص على تقوية المعارضة إذا رغبت في التقدم''، وعاد إلى ظروف انسحابه من الحكومة لما كان وزيرا، قائلا ''في تبرير انسحابي كتبت في استقالتي أني أريد أن أخدم بلدي من مواقع أخرى''، منتقدا ما أسماه ''احتكار سياسي دمر الدولة، قبل المعارضة''، وأيد دعاة انتخاب مجلس تأسيسي سيد، وقال إن هؤلاء ''ليسوا بعيدين عن الحقيقة''، متحدثا عن كلام دار بينه وبين الراحل عبد الحميد مهري، قال فيه الأخير إن ''المنعرج افلتناه سنة ''63، في إشارة إلى أن ''المؤتمر التأسيسي الذي أقر ذاك العام لم يكرس دعامة الدولة الجزائرية''، بينما شدد أن ''الدولة التي يضيق صدرها من المعارضة وترفع شعار التشبيب ثم تخاف منه، غير جديرة بالاستمرار''. الأفالان هو من كرّس التسكع السياسي اتهم أبو جرة سلطاني الأفالان بإسقاط المادة التي تمنع التجوال السياسي في قانون الانتخابات المصادق عليه ضمن حزمة قوانين الإصلاحات السياسية، وقال إن حجة الأفالان في ذلك أنه ''لا ينبغي تلجيم الحرية''. وقال إن ما فعله نواب عبد العزيز بلخادم ''فتح ثغرة قانونية''. فضل سلطاني وصف التجوال السياسي ب''التسكع السياسي''، في تأكيده أن التجوال لم يعد يختصر في التنقل من حزب إلى حزب ثان، ولكن التجوال بين أحزاب متعددة بمثابة ''تسكع سياسي''، على أن ''الأفالان المستفيد الأول من التجوال السياسي، لأن من يهرب بعهدته يتوجه إليه''، ويشير رئيس حمس إلى أن الأحزاب السياسية وفي ضوء تفشي ظاهرة ''قلب الفيستا'' بحدة في الأعوام الأخيرة، ''فقدت انضباطها وتحكمها في نوابها ومناضليها''. وانتقل من قضية التجوال السياسي إلى واقع برلماني مر قال فيه إن ''أحد النواب لم تطأ قدماه المجلس الشعبي الوطني خمس سنوات، أي منذ أن نصب المجلس خلال العهدة الماضية''، ليؤكد أن غياب قانون يعاقب تغيبات النواب عن الجلسات البرلمانية، شجع على العزوف عن الجلسات''، وعندما تكون هناك هشاشة في القانون يكيف حسب الأهواء. وقال سلطاني ''ننادي بضرورة غلق باب التسكع السياسي لتنقية الحياة السياسية''. وتحدث سلطاني عن تركيبة الحكومة الجديدة و''مأخذ'' من قال إنها تتشكل من فريقين بتوجهات متناقضة ''واحد يدافع عن السيادة الوطنية وآخر يخدم مصالح أجنبية ولا يرى مانعا من التطبيع مع إسرائيل''، بالقول ''هذا طبيعي فهناك من تخرج من المدرسة الاشتراكية فيدافع عن خيارات الاشتراكية، وآخر تخرج من المدرسة الليبرالية فيدافع عن توجهاتها، وهناك أيضا من تخرج من المدرسة الفرنسية يدافع عنها كذلك''. وأضاف ''نحن في دولة تعددت مدارسها البيداغوجية وهذا أمر طبيعي، لكن العيب ألا يكون هناك انسجام في التوجهات الكبرى للدولة والحكومة''، بينما رد عن سؤال حول تأكيد الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون أن عضوا في الحكومة، صرح جهارا نهارا في الخامس جويلية 2005، أنه لا يرى مانعا من التطبيع مع إسرائيل، قال سلطاني ''القضية الفلسطينية بالنسبة لنا خط أحمر، ولا نخفي تعاملنا مع المقاومة''. لا ثقة في من صاغوا الدساتير منذ 1996 تدعو حركة مجتمع السلم إلى إنشاء لجنة وطنية تتكون من فقهاء في القانون وخبراء ومن إعلاميين، تتكفل بإعادة صياغة الدستور. وإلى تشكيل ''حكومة توافقية تحضّر للمحطات الهامة خلال فترة انتقالية لا تتجاوز عامين''. ويبرر هذان المطلبان، حسب سلطاني، كون الوضع في البلاد ''معقد ومتشعب. فالأزمة يشعر بها كل مواطن ولكن لا أحد يعرف لونها. إن عمق الأزمة سياسي بمظاهر اجتماعية واقتصادية تجلت في أزمة الكهرباء وحرق الغابات وحرق مطبعة العملة الوطنية''. ويرى رئيس حمس أن ''الماسكين بالقرار في بلادنا لديهم مقاربة غير دقيقة للأوضاع. أما المقاربة الصحيحة هي أن نتجه إلى الحل السياسي، الذي أشار إليه رئيس الجمهورية في خطابه يوم 15 أفريل .2011 فقد تحدث عن إصلاحات سياسية عميقة، كان ينبغي أن تبدأ بتعديل الدستور، لكن الرئيس تجاوز ذلك مفضلا مراجعة مجموعة من القوانين، وتم تسطيحها في النهاية''. وأعاب سلطاني على ''صانعي القرار، اللعب بالوقت. فمنذ أحداث 4 جانفي 2011 التي شملت 24 ولاية، ترقب الجزائريون تجسيد التعهد بالإصلاحات ولكن تم التراجع عن الوعود في النهاية''. وأضاف رئيس حمس: ''على أصحاب القرار التوجه إلى مراجعة الدستور مع الأخذ بعين الاعتبار المشاركين في الاستشارة التي أطلقها الرئيس، فهؤلاء أجمعوا على ضرورة الأخذ بالنظام البرلماني. إذ لم يعد ممكنا أن تستمر الجزائر باعتماد النظام الرئاسي. لكن لا يمكن أن نثق في من وضعوا الدساتير منذ 1996، لأن اللجان التقنية التي اشتغلت على مسودات الدساتير تصرفت بالإيعاز. لذلك ينبغي استبدالها بلجنة من خبراء القانون ومن إعلاميين، تعدّ صياغة المسودة الجديدة التي يستحسن أن تكون فلسفتها مستلهمة من النظام البرلماني كأفضل أشكال الحكم''. ويطالب سلطاني ب''حكومة وفاق وطني'' تسيّر مرحلة انتقالية تدوم عامين، مهمتها التحضير لاستفتاء حول الدستور وتنظيم انتخابات تشريعية وأخرى رئاسية. مشيرا إلى أن ''الذين يصيغون الدساتير يختارون اللباس الذي يريدون، ثم يطلبون من الشعب أن يقول نعم أو لا''. وانتقد سلطاني ''رفع حالة الطوارئ ظاهريا''. ويقول إن كل المسلمين في العالم خرجوا في مظاهرات تنديدا بالفيلم المسيء للنبي الكريم، إلا في الجزائر التي يمنع التظاهر بشوارع عاصمتها. مشيرا إلى أن البلاد ''تعيش تمديدا لحالة الطوارئ رغم الإعلان عن رفعها رسميا''.