أفاد الجنرال كارتر هام، مسؤول القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، بأن حكومة بلده ستدعم أية عملية عسكرية تقررها حكومة ''شرعية'' بباماكو ودول المنطقة، بهدف حسم الموقف ضد الجماعات الإرهابية في شمال البلاد. ولكنه استبعد كليا أي دور عسكري مباشر للولايات المتحدةالأمريكية في مواجهة ''القاعدة'' وأذرعها. أنهى المسؤول العسكري الأمريكي، أمس، زيارته للجزائر، التي دامت يومين، بندوة صحفية عقدها بمقر السفارة الأمريكية دارت في معظمها حول الوضع في مالي وتهديدات الإرهاب. ومن أهم ما جاء في ردوده بخصوص الوضع المتفجر في شمال مالي، أن واشنطن تفضل حلولا دبلوماسية وسياسية للأزمة عن طريق التفاوض مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد، باستثناء الجماعات الإرهابية. وينسجم هذا الموقف، إلى حد ما، مع الموقف الجزائري حيال الموضوع. فالجزائريون يدفعون باتجاه حل تفاوضي مع المسلحين الأزواد، لكن بعيدا عن ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' والجماعات القريبة منها. وفي هذا الموضوع بالتحديد، هناك من يرى أن ''أنصار الدين'' قطعة من ''القاعدة''، فيما يقول آخرون إنهم جزء من التوارف سكان الأرض حتى لو كانوا مسلحين. وحول ما إذا كانت الولاياتالمتحدة تفرق بين الجماعات المسلحة التي تبحث عن استقلال الشمال فقط، وبين التي تمارس الإرهاب في كامل المنطقة، قال هام: ''أنا بالجزائر لمعرفة الوضع بشكل أحسن، لمعرفة ما هي المجموعات الإرهابية وغير الإرهابية. بعبارة أخرى أريد معرفة دور حركة تحرير الأزواد وحركة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا''. وذكر الجنرال هام أن الولاياتالمتحدة ''تدعم المحادثات الجارية حاليا بمجلس الأمن بشأن الأزمة المالية''. وقال إن ''انشغالنا في الوقت الحالي هو قيام حكومة شرعية بباماكو، وسيكون من مسؤولية الدولة المجاورة مساعدتها على استعادة الاستقرار، والولاياتالمتحدة مستعدة لمد يد المساعدة''. وأضاف: ''الحل في نظرنا يكون بإقامة حكومة شرعية في مالي، ولا بد من فتح حوار مع كل الجماعات الموجودة في الشمال إلا مع الجماعات الإرهابية''. وأهم طريقة للمساعدة في نظر الأمريكيين، حسب كارتر هام، ''هي تبادل المعلومات بين دول المنطقة (حول الملفات الأمنية المطروحة)، وإجراء تمارين عسكرية مع الشركاء الجهويين وتنظيم ملتقيات لتبادل المعلومات، حتى نواجه سويا التحديات ذات الصلة بالأمن''. وتحدث الجنرال الأمريكي عن وجود برامج لتبادل الخبرات والمعطيات الأمنية بين الولاياتالمتحدة وشركائها بالمنطقة، ومشاريع لتجهيز قوات بلدان بالساحل، ''يجري تنفيذها بناء على طلب من دول المنطقة''. وقال كارتر هام إنه يجهل ما تسعى ''إكواس'' إلى القيام به بشأن حسم الموقف ضد الجماعات الإرهابية عن طريق نقل قوات عسكرية إلى شمال مالي للدخول في مواجهة التنظيمات المتفرعة عن ''القاعدة''. ورفض هام الخوض في مسعى فرنسا المحتمل بتنظيم حملة عسكرية في الشمال، إذ رد على سؤال حول الموقف الأمريكي من خيار مفترض كهذا: ''هذا أمر من اختصاص السياسيين، أما أنا فرجل عسكري، ورؤية الولاياتالمتحدة بخصوص الأزمة في مالي تقوم على دعم حكومة شرعية في باماكو، إذا أطلقت حوارا مع كل الأطراف ما عدا الإرهابيين''. وأضاف: ''الحل العسكري أحد مكونات حل أكثر شمولية برأينا، يبنى على علاج الأزمة بالطرق السياسية والدبلوماسية''. وتابع المسؤول العسكري الأمريكي: ''الوضع أصلا معقد في مالي، والتهديدات التي تمثلها الجماعات الإرهابية تزيده تعقيدا''. وشكر كارتر هام الحكومة الجزائرية ''التي وفرت التعزيزات الأمنية اللازمة لفائدة سفارتنا بالجزائر، خلال التطورات الأخيرة''، يقصد المخاطر التي واجهتها البعثات الدبلوماسية الأمريكية في الخارج، بسبب ردود الفعل الغاضبة على الشريط المصوّر المسيء للنبي الكريم. وقال إن حماية الدبلوماسيين الأمريكيين ''مسؤولية تقع على عاتق البلدان التي يقيمون فيها''. وقد استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، القائد الأعلى لقيادة القوات المسلحة الأمريكية بإفريقيا (أفريكوم)، الجنرال كارتر هام. وجرى اللقاء بإقامة جنان المفتي بحضور الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المالك فنايزية، والوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل، والفريق أحمد فايد صالح رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي.