نفى القائد العام للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا »أفريكوم«، الجنرال »كارتر هام«، وجود أية نية لدى واشنطن من أجل التدخل عسكريا في شمال مالي، وأكد أن بلاده تدعم بقوة الخيار الدبلوماسي والسياسي على أن تكون الأولوية فيه لعودة الحكومة الشرعية، مشدّدا على ضرورة التفريق بين الجماعات الانفصالية والتنظيمات الإرهابية في المنطقة، وهو ما وضعه ضمن أولويات زيارته إلى الجزائر. رفض القائد العام للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا التعليق على التحرّكات الفرنسية الرامية إلى تسريع التدخل عسكريا في شمال مالي، كما أظهر الكثير من التحفظ بشأن موقف بلاده في حال تمّ تمرير مشروع قرار طلب ترخيص من مجلس الأمن الأممي لتجاوز الخيار الدبلوماسي في هذا البلد، حيث قال في مؤتمر صحفي عقده أمس بمقر السفارة الأمريكية في الجزائر »هذه مسألة سياسية يصعب على الجنرال كارتر هام الإجابة عنها. المهم أن موقف الولاياتالمتحدة واضح بخصوص الحلّ في مالي..«. ومن خلال وجهة النظر التي قدّمها الجنرال »كارتر هام«، الذي يزور الجزائر للمرة الرابعة، فإن الحلّ يبدأ من خلال »عودة السلطة الشرعية إلى باماكو ومن ثم مباشرة الحوار مع الجماعات المتواجدة في المناطق الشمالية باستثناء المجموعات الإرهابية، نرى أن هذا هو المخرج الأمثل بمشاركة الفاعلين الأساسيين«. ولم يتوان في وصف الوضع في هذا البلد ب »المعقد جدّا«، موضحا أنه »يتطلب دعم المجتمع الدولي«، ليلفت إلى الكثير من التحدّيات التي حصر أبرزها في »غياب حكومة شرعية«. وزيادة على ذلك تحدّث القائد العام ل »أفريكوم« عن تحدي آخر يكمن في مواجهة متطلبات الهواجس الأمنية في شمال مالي، وبرأيه: »هذا الوضع لا يُمكن حلّه إلا من خلال الوسائل الدبلوماسية والسياسية«، دون أن يغفل التركيز على الأزمة الإنسانية من خلال نقص الغذاء وكثرة النازحين، وهنا شدّد على أن »الجزائر كانت حاضرة وفعالة من أجل توفير الغذاء لهؤلاء اللاجئين«، معترفا في الآن ذاته بأن وجود جماعات إرهابية في مناطق الشمال يجعل من »الوضعية صعبة« في حال حصل أي تدخل عسكري. وعلى هذا الأساس قطع المسؤول العسكري الأمريكي الشك باليقين عندما استبعد نهائيا فرضية تدخل بلاده عسكريا، حيث أورد في ردّه على أسئلة الصحفيين بأن »البديل الوحيد الذي لا يُمكن حدوثه هو بالتأكيد الحضور العسكري للولايات المتحدةالأمريكية في شمال مالي لأننا نعتقد أن الخطوة الأولى هي عودة الاستقرار في هذا البلد«، وقدّر أن تحقيق هذا الهدف »مسؤولية دول الجوار لمساعدة باماكو على تصحيح الوضع، والولاياتالمتحدة تناقش فقط كيفية دعم هذا المسعى«. وتعليقا منه على تحرّكات دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا »إيكواس« من أجل استصدار قرار أممي للتدخل عسكريا في مالي، حافظ الجنرال »هام« على الموقف نفسه عندما كان يتحدّث عن فرنسا، وقد اكتفى بالقول: »لا نعلم الطريقة التي تريد بها دول هذه المنظمة التدخل، لأن الولاياتالمتحدة مثل الجزائر ليست عضوا في »إيكواس«، فليس هناك تفصيل حول مفهوم هذا التدخل«، ثم تابع: »إذا طلبت دول المنظمة دعما من الولاياتالمتحدة سندرس الطلب، لكن حتى الآن الأمر غير واضح تماما..«. ومن أجل توضيح الأمور أكثر أفاد القائد العام للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا في إجاباته أن »أحسن دعم عسكري تقدّمه الولاياتالمتحدة يكمن في التدريب وتبادل المعلومات واللقاءات مع القيادات العسكرية في المنطقة مع تعزيز الشراكة بالقيام بتمارين وتوجيهات مع الشركاء« إضافة إلى »تبادل الأفكار حول أحسن طريقة لمواجهة التحدّيات المتعلقة بالأمن وتجهيز جيوش هذه الدول بالوسائل اللازمة التي تطلبها«. ومن بين أهم »مفاتيح الحلّ« التي يعتقد الجنرال »كارتر هام« بأنها ناجعة لتجاوز أزمة مالي ضرورة »هو التفريق بين الجماعات الإرهابية وغير الإرهابية في الشمال«، ولذلك أقرّ أن »زيارتي إلى الجزائر هذه المرة تأتي من أجل محاولة فهم أحسن للوضعية في شمال مالي ومعرفة طبيعة الجماعات الناشطة هناك لأنه ليس لدينا نفس المفهوم مع بلادكم حول الفاعلين هناك«، وشرح بأن هدف إدارة البيت الأبيض هو الوصول إلى تصنيف حقيقي لطبيعة نشاط »جماعة أنصار الدين« و»حركة تحرير الأزواد« وغيرهما »نحن نريد بحث المسارات إن كانت تنظيمات إرهابية أم لا«.