نفى وزير الدفاع الفرنسي أن يكون على علم بأن الجزائر تملك أصلا موقفا رسميا إلى الآن مما يجري في مالي، سواء بدعم الحل التفاوضي أو التدخل العسكري. وأعطى انطباعا بأن ملف مالي ''أوروبي بالدرجة الأولى'' وأن بلاده حسمت في أمر نشر قوات عسكرية، وهي تضع دور الجزائر في مؤخرة الترتيب: ''إذا رغبت الجزائر في مرافقة مسعى فرنسا ومالي ودول المنطقة بطريقة أو بأخرى فمرحبا بها''. تعطي تصريحات وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، انطباعا بأن بلاده لا تعير اهتماما لموقف الجزائر مما يجري في شمال مالي، ونفى أصلا أن يكون على علم بأن لديها موقفا من الملف. وذكر لودريان في حوار لجريدة ''20 دقيقة'' الفرنسية، لما سئل عن تفضيل الجزائر للتفاوض: ''على حد علمي لا يوجد موقف رسمي للجزائر حول الملف إلى الآن... لكن إذا رغبت الجزائر في مرافقة مسعى فرنسا ومالي ودول المنطقة بطريقة أو بأخرى فمرحبا بها''. ويثير هذا التصريح كثيرا من الأسئلة، إن كان القصد منه التلميح بأن الموقف الجزائري ''لا حدث''، قياسا لمعرفة فرنسا جيدا بالموقف الجزائري والمقاربة التي تطرحها للحل في شمال مالي، حيث جرت بين البلدين مشاورات مباشرة بين وزيري الخارجية في الجزائر قبل أسابيع فقط، كما أن موقف الجزائر يجد من يسانده في الأممالمتحدة وعواصم مهمة كواشنطن وموسكو وبكين. و يعتقد وزير الدفاع الفرنسي، بناء على هذا الأساس، أن أمن الفرنسيين والأوروبيين مهدد أكثر من الجزائر نفسها جراء تواجد الجماعات المسلحة في شمال مالي، قائلا: ''الفرق بين مالي وأفغانستان أن الساحل يقع على بعد 1200 كلم عن جنوب أوروبا، وحينما تدخلنا في أفغانستان كان ذلك مباشرة بعد هجمات 11 سبتمبر، يجب ألا ننتظر حتى يقع أمر أليم مثل هذا لكي نتحرك''. حديث وزير الدفاع الفرنسي يشدد على أن ''أمن الأوروبيين'' وراء التشدد في الإسراع بإرسال قوة إفريقية، لكنه لم يتحدث عن أمن دول الطوق بما فيها الجزائر التي تمتلك حدودا تقارب الخمسة آلاف كيلومتر مع دول الساحل مجتمعة. وذكر الوزير الفرنسي: ''منذ أشهر تسيطر جماعات جهادية على المنطقة، التوحيد والجهاد والقاعدة وأنصار الدين وبوكو حرام، ونحن لن نسمح بأن يبقى الوضع كما هو ويجب التحرك فورا، لأن كل أسبوع يمر هو في صالح اللعبة التي يقودها الإرهابيون''. ويعتقد وزير الدفاع الفرنسي أن باريس في موقع متقدم في إقناع المجموعة الدولية بجدوى نشر قوات إفريقية: ''الرئيس هولاند حصل، الأربعاء الماضي، على دعم المجموعة الدولية لهذا التدخل.. فرنسا لا تتحرك إلا تحت مظلة الأممالمتحدة وبموافقة مالي وفي وجود مرافقة لمبادرة عسكرية إفريقية''. وحدد الدور الفرنسي في الحرب الوشيكة وفقا لمنظور الفرنسيين في ''التنظيم والتكوين، الجانب اللوجستي، وهذا لا يعني أننا سنحارب على الأرض، وقد حدد اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، تاريخ ال15 أكتوبر للفصل في كيفية تدعيم الاتحاد الأوروبي لهذه الإستراتيجية''. ولم يستبعد جان إيف لودريان أن تقدم بلاده دعما بالسلاح للقوة الإفريقية التي باتت في نظره واقعا، وذكر أن فرنسا ''تترقب مقترحات الاتحاد الأوروبي وأن تبلغنا دول غرب إفريقيا عن خطتها في التدخل وكيف ستدعم الجيش المالي''. ويقع وزير الدفاع الفرنسي في متناقضات كثيرة تعود على موقف بلاده بخصوص السلاح الذي بحوزة الجماعات المسلحة في شمال مالي، وهذه المرة حينما تعلق الأمر بخطوة إستراتيجية لباريس، اعترف جان إيف لودريان بأن المجموعات في الشمال ''''تمتلك أسلحة متطورة حصلوا عليها من ليبيا''، وكانت فرنسا أكثر الدول تكذيبا لتقارير سابقة من دول المنطقة حول تدفق السلاح الليبي، واعتبرت أن الجزائر مثلا كانت تروج لذلك لرفضها ''الثورة الليبية''. وأجل الوزير الفرنسي الحديث حول إن كانت بلاده ستدعم القوة الإفريقية بطائرات ''ميراج'' الحربية الفرنسية: ''نحن ما نزال في مرحلة مسار يصل بنا لقرار من الأممالمتحدة''. وقال إن القرار الأممي المنتظر لن يتيح المساس بحدود الدول المجاورة، وتخشى الجزائر في هذا الشق أن يصدر قرار يلزمها بدعم القوات الإفريقية أو فتح حدودها للاجئين. وكشف لودريان أن بلاده وضعت كل التدابير اللازمة حتى لا يؤثر موقفها في دعم التدخل على حياة رهائن فرنسيين لدى ''القاعدة''.