2012 هي أفضل سنة لأسعار البترول وسلة أوبك فاقت 110 دولار الجزائر بحاجة للشراكة مع مجموعات دولية ومستثمرين لتحسين وضعها في مجال المحروقات ثمّن الخبير الدولي في قطاع النفط والغاز، فرانسيس بيران، الخطوة الجزائرية التي اعترفت من خلالها بوجود مشكل استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وقرار إعادة النظر في قانون المحروقات، قائلا إن الجزائر بحاجة إلى مستثمرين وشركات دولية كبيرة وذات كفاءة لتحسين وضعها في قطاع المحروقات. كما دعا إلى توخي الحذر في تسيير الموارد المتأتية من المحروقات، ووضع ميزانيات بأسعار أقل من المستوى الحالي، والاستفادة من ارتفاع الأسعار لتنويع الاقتصاد كيف تقرؤون قرار الجزائر اعتماد قانون جديد للمحروقات؟ من الأهمية أن تعترف السلطات بأن هناك مشكلا منذ عدة سنوات في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وعلى ضوئها تم اتخاذ قرار تقديم مشروع لقانون حول المحروقات بهدف محاولة تحسين الوضعية. فالجزائر وسوناطراك بحاجة، وستظل بحاجة، إلى التعاون مع مستثمرين ذوي كفاءة ويتسمون بالصلابة والجدية، ولكن استقدام هذه الشركات يحتاج إلى اقتراح شروط كفيلة بجذبهم. كما أن الأهمية تكمن في الإعلان الرسمي لقرارات إحداث تعديلات جبائية، مع التركيز على إبراز تلك الخاصة بالمزايا المتصلة بالاستكشاف في مناطق غير معروفة أو غير مكتشفة بصورة واسعة، بما في ذلك عرض البحار والمحروقات غير التقليدية. هل ستكون هذه التعديلات كافية لاستقطاب المستثمرين؟ المستقبل سيؤكد ذلك، وستكون المناقصة الجديدة أول رهان وامتحان حقيقي. ولكن، لضمان نجاح هذه المناقصة الخاصة بالاستكشاف، يتعيّن أن تكون الرخص أو المشاريع المقترحة جذابة، من خلال ظروف تعاقدية أفضل. ولكن هذا الجانب سيكون جزئيا، لضمان جذب كبير للشركات. كيف نفسر تراجع الإنتاج النفطي والغازي وانكماش الصادرات الغازية في الجزائر، خلال السنة الحالية بالخصوص؟ إن تراجع الإنتاج والصادرات الغازية في الجزائر لا يجب أن يحلّل على أساس العرض فقط، بل حتى الطلب، فأهم سوق لصادرات الغاز الجزائري هو أوروبا، وهذه المنطقة تعاني من تباطؤ في نموها الاقتصادي، وهو ما يؤثر سلبا على استهلاك الغاز وبالتالي على وارداتها. ولكن هذه الوضعية ظرفية، وإن كانت مؤثرة على سوناطراك والجزائر، ويجب التنبيه إلى أنه لا يمكن انتظار كل شيء من القانون الجديد، وإن كان من الواضح أن الجزائر تتمتع بقدرات هامة قابلة للاستغلال فيما يخص استغلال الحقول وتثمين الموارد غير التقليدية، بشرط أن يتم توفير الوسائل الكفيلة باستغلال أمثل للثروات الطبيعية للبلاد. وماذا عن استغلال الغازات غير التقليدية الذي يثار حولها الجدل في الجزائر حول أضرارها؟ مما لا شك فيه أن الجزائر تتمتع بكميات جدّ هامة من الغاز غير التقليدي، ولا يتعلق الأمر بالغاز الحجري فحسب، ولكن، يجب أن نبقى حذرين بخصوص الأرقام، لأنه يتعيّن أن يصادق عليها وتوثق بأشغال استكشاف مكثفة تتطلب سنوات. وعليه، من الضروري التقدم بحذر في هذا المجال، والقيام بكافة الدراسات الضرورية للتقليل من الانعكاسات السلبية لهذا النوع من الاستغلال، دون أن نركز على أن مثل هذه الغازات سيئة على الإطلاق. وعليه، يمكن أن تمثل الغازات غير التقليدية جزءا هاما بالنسبة لمستقبل الجزائر، وتحويلها كدولة منتجة ومصدّرة للغاز الطبيعي على المديين، المتوسط والبعيد. هل يمكن أن تكون هذه الغازات بديلا؟ نعم، ولكن يجب التأكيد على أن الغازات غير التقليدية ليست هي الحلّ، فالمشاكل الطاقوية معقدة جدا وخصائصها معقدة أيضا، فالحل ليس بسيطا، فيجب أن يركز الأمر على العرض الغازي وتطوير عدّة أنواع من الطاقات، خاصة المتجدّدة منها، ولكن أيضا العمل على التحكم في استهلاك الطاقة. بالمقابل، لا يجب أن نقبر بسرعة الغاز التقليدي، فقدرات الجزائر ليست مستغلة كليا، ولا أشك في أن استغلالا أكبر سيساهم في تسجيل اكتشافات جديدة للغاز التقليدي في الجزائر. كيف تقيّمون وضعية السوق البترولي؟ شهدت سنة 2012 أعلى مستويات ومعدّلات أسعار النفط، وإن كنا بعيدين من الرقم القياسي المحقق في جويلية 2008 مع تجاوز السعر حدود 147 دولار للبرميل، ولكن كمعدل يبقى عام 2012 هو الأفضل وسيحقق الرقم القياسي. فما بين جانفي ونهاية أكتوبر، بلغ معدل سلة ''أوبك '' قيمة 110 دولار للبرميل مقابل 46,107 دولار خلال سنة .2011 رغم الانكماش المسجل لدول الاتحاد الأوروبي، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. لذلك، فالوضع إيجابي بالنسبة للدول المنتجة، على خلفية الضغوط السياسية المرتبطة بالملف النووي الإيراني، وتبعات الربيع العربي، والضغط على الطلب العالمي. ونسجل أن المرحلة الحرجة للأزمة في أوروبا تم تجاوزها، وتم استبعاد انهيار الأورو، وإن ظلت دول الاتحاد تواجه صعوبات كبيرة، وهي عموما ثاني مستهلك عالمي للبترول بعد الولاياتالمتحدة وقبل الصين. لذلك، يتعيّن أن تتحلىّ البلدان المنتجة بالكثير من الحذر في تسييرهم الاقتصادي، والاستناد في توقعاتهم وفي تحديد ميزانيتهم على أسعار متدنية نوعا ما مقارنة بالمستويات الحالية، والاستفادة بأقصى قدر ممكن من أسعار النفط العالية والإيرادات المرتفعة التي يجنونها لمضاعفة الجهود المبذولة، والتي تبقى عموما غير كافية لتنويع اقتصادياتهم.