يجب إيجاد حلول توافقية لتجاوز تردد الشركات الدولية في الاستثمار بالجزائر اعتبر الخبير الدولي، فرانسيس بيران، أن الجزائر يمكن أن تلجأ خلال السنوات المقبلة إلى خيار استغلال الغازات غير التقليدية لتدعيم احتياطاتها التي تعرف استقرارا نسبيا والتوفيق ما بين مواصلة التصدير، خاصة لأوروبا، وتلبية حاجيات السوق المحلية التي تنمو سنويا بمعدل معتبر. أوضح الخبير الدولي في تصريح ل''الخبر'': ''هناك مؤشرات تفيد بأن الاحتياطي الغازي الجزائري لم يتطور بصورة كبيرة، خاصة فيما يخص الاحتياطي الذي لم يعرف نموا خلال السنوات الماضية، يضاف إلى ذلك النمو المتزايد للاستهلاك المحلي للغاز وفقا لتقديرات سلطة الضبط للكهرباء والغاز. هذا الوضع يمكن أن يؤثر على مستويات التصدير على المدى الطويل ويدفعها إلى التراجع. أما على المدى المتوسط والقصير، فإن المشكل قائم بالنسبة للارتفاع المعتبر، زائد 7 بالمائة على الأقل سنويا، للطلب المحلي، ولكن أيضا مشكل انكماش الطلب العالمي الذي تراجع خاصة في .2009 فقد تم غلق السوق الأمريكي أمام صادرات الغاز بعد الاستغلال الكبير للغازات غير التقليدية، ويبقى السوق الأوروبي هو أكبر الأسواق بالنسبة للغاز الجزائري. ولكن مع دخول دول جديدة كمنافسين والاستثمارات الكبيرة التي تم القيام بها في مجال الغاز الطبيعي المميع وانكماش الطلب، فإن الفائض الغازي لن يتم استيعابه على أقصى تقدير سوى في .2013 ولكن مع عودة الطلب تدريجيا، تقلصت التوقعات، خاصة مع تراجع خيار النووي بعد حادثة فوكوشيما في اليابان وغلق عدة محطات نووية، ولكن هذا الفائض الموجود في السوق يؤثر حتما على الجزائر على المدى القصير أيضا''. وأكد بيران في نفس السياق: ''ما يمكن أن يدعم الجزائر هو اللجوء إلى استغلال احتياطي الغازات غير التقليدية وإن كانت كلفة استغلاله أعلى، ولا ندري بعد حجم هذا الاحتياطي ومدى أهميته، ولكنه موجود. ويبدو أن وزير الطاقة والمناجم، يوسف يوسفي، وضع ضمن أولوياته تطوير هذا الخيار، خاصة بعد إبرام اتفاق بين سوناطراك وإيني، وارتقاب إبرام اتفاقيات أخرى مع مجموعات دولية تتمتع بالخبرة والتكنولوجيا، مثل بريتيش بتروليوم وتوتال، وهذا الحل هو الذي يمكن أن يدعم احتياطات الجزائر مستقبلا ويجعلها تستمر في التصدير لمدة أطول، علما أن الجزائر تصدر مقدار 65 مليار متر مكعب وترغب في رفع التصدير إلى 85 مليار متر مكعب سنويا. وعليه، فقد شرعت من خلال أولى عمليات الاستكشاف في تيميمون وأهنات، من التأكد من وجود احتياطي من الغازات غير التقليدية، ويرتقب أن يتم إطلاق مناقصات قريبا في هذا السياق دائما''. بالمقابل، وحول مسألة تردد الشركات الدولية الاستثمار في الاستكشاف وتأثير الخلافات الحالية المطروحة بين الجزائر وعدد من الشركات الدولية، مثل أناداركو وإيني وميرسك، أكد بيران ''بالتأكيد يمكن أن تؤثر مثل هذه النزاعات، خاصة أن هذه الشركات لها دور في تحقيق عدة اكتشافات سابقا وتطوير القطاع، فما يهم المستثمر ليس الاكتشاف فقط بل تحقيق المردودية ومستوى من الربحية. وإذا لم يتوفر ذلك، فإنه يعيد النظر في خياراته، وبين فشل المناقصات الأخيرة في الجزائر عن تردد الشركات بالنظر إلى الظروف الاقتصادية المفروضة والمناخ الذي أضحى غير كاف وغير جذاب. وأتوقع أن تكون هذه النقطة من أولويات الوزير يوسفي لإعادة بعث الاستكشافات، ومن الممكن إعادة دراسة الإطار والشروط الموضوعة، لأن هناك وعيا بأهمية هذا الجانب. وعليه، فإن تسوية وتوفيق بين مطالب الشركات ومصالح الجزائر ممكنة لضمان عودة الاستثمارات بقوة''. أما عن أسعار النفط، فقد توقع بيران أن تظل في حدود مرتفعة، رغم التراجع الحاد الذي عرفته، حيث فقدت الأسعار ما بين 15 و20 دولارا في ظرف قصير، مضيفا بأن هناك عوامل تدفع الأسعار إلى التراجع وأخرى تدفعها إلى الاستقرار.