أفضى اجتماع بباماكو شارك فيه خبراء دوليون مختصون في قضايا الأمن والإرهاب، إلى احتمال تدخل قوات عسكرية غير إفريقية لانتزاع شمال مالي من سيطرة الجماعات الإسلامية المسلحة. وكان هذا التوجه مستبعدا من طرف فرنسا والولايات المتحدة، اللتين دفعتا مجموعة ''إكواس'' إلى شنّ حرب على ''القاعدة'' بجيوشها. ذكر ''مسؤول إفريقي'' شارك في اجتماع بباماكو دام أسبوعا، بأن قوات غير إفريقية ستنزل إلى الميدان لمساعدة مالي على استعادة سلطتها على مناطق الشمال، شرط أن يوافق القادة الأفارقة على ذلك. وبحث الاجتماع الذي انتهى يوم الاثنين، موضوع القوة العسكرية التي ينتظر أن تؤدي المهمة الحربية ضد الجماعات الموصوفة بالإرهاب في شمال مالي. وأوضح نفس المسؤول أن عدد العساكر الذين سينخرطون في المهمة، قد يتجاوز الأربعة آلاف ''سيتم توزيعهم في أماكن مختلفة''، حسب تعبيره. وأشيع، في وقت سابق، بأن القوة العسكرية سيكون قوامها ثلاثة آلاف، تتشكل أساسا من جيوش غرب إفريقيا، وبالتحديد من كوت ديفوار، الرئيس الحالي ل''إكواس''، ونيجيريا والتشاد، وهي أقوى دول في غرب إفريقيا، وكلها تعاني من قلاقل داخلية قد لا تمكّنها من الدخول في حرب بشمال مالي، وهي في كامل إمكانياتها. وذكر ذات المسؤول أن الجزائريين المشاركين في الاجتماع، ''يوافقون على ضرورة عدم الاستسلام'' أمام الجماعات الإسلامية المسيطرة على المنطقة، منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس أمادو توماني توري، في مارس الماضي. ويرى مراقبون أن تواجدا عسكريا أجنبيا في شمال مالي، سيعطي مبرّرا قويا للجماعات الجهادية ل''قتال المحتل الأجنبي الغاصب''، ما سيعزز الطرح الذي يقول بأن الساحل سيتحوّل إلى أفغانستان ثانية. وبخصوص تمويل القوة العسكرية المنتظرة، قال خبير آخر إن هيئة الأممالمتحدة ستلعب دورا رياديا في هذا المجال. يشار إلى أن اجتماع باماكو حضره متخصصون في شؤون الأمن والإرهاب من إكواس والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة، إلى جانب الجزائر كأكبر قوة إقليمية بالمنطقة، والتي تسعى واشنطن وباريس، النافذتان في مجلس الأمن، إلى افتكاك موافقة منها على خوض الحرب، ونجحتا في ذلك. وبحث قادة أركان جيوش غرب إفريقيا، أمس بباماكو، خلاصة التقارير المرفوعة إليهم من طرف الخبراء، والهدف هو الخروج بخطة مفصَلة عن العملية العسكرية، وذلك بناء على اللائحة 2071 التي أصدرها مجلس الأمن في 12 من الشهر الماضي، قدم فيها مهلة 45 يوما لإعداد هذه الخطة. وحتى إن أبقى مجلس الأمن فرصة لحلّ سلمي بين أطراف الصراع في مالي، فإن التوجيه الفرنسي للائحة يفيد بأن الخيار العسكري محسوم. وصرّح قائد أركان الجيش المالي، الجنرال سومايلا باكايوكو، في افتتاح اللقاء، أن دول غرب إفريقيا مدعوّة إلى الاتفاق على مفهوم العملية العسكرية، مشيرا إلى أن دول المنطقة ''مستعدة لتأدية دورها''. وحضر الاجتماع الجنرال الغيني، سيكوبا كوناتي، قائد القوة الإفريقية في الانتظار المكلفة من طرف الاتحاد الإفريقي بمتابعة التحضير لقوة ''إكواس'' التي ستخوض الحرب في مالي. وصرّح، في بداية الأشغال، بأن الأزمات التي تتخبّط فيها مالي تلحق ضررا بكامل المنطقة، مشيرا إلى أن مالي ''بإمكانه أن يعوّل على أصدقائه وشركائه بالقوة الإفريقية في الانتظار، من أجل فرض احترام سلامته الترابية''. يقصد أساسا مطلب الانفصال الذي تتبناه الحركة الوطنية لتحرير الأزواد. ومن المتوقع أن يرفع المخطط الحربي الذي يبحثه قادة أركان الجيوش إلى القادة السياسيين الأفارقة في ''إكواس''، بهدف المصادقة عليه. بعدها، يرفع إلى مجلس الأمن الدولي، على أن يكون ذلك قبل 26 نوفمبر الجاري، انسجاما مع مهلة اللائحة .2071 وفي هذا الإطار، قال وزير خارجية مالي، تيمان كوليبالي، إنه يتوقع أن يصوّت مجلس الأمن لصالح المخطط. وذكر الوزير في ندوة صحفية، أول أمس، أن الانتخابات المقرّرة العام المقبل لن تكون دون مناطق الشمال الخاضعة التي فقدت السلطة المركزية هيمنتها عليها منذ سبعة أشهر.