في ضوء التصريحات الخطيرة للوزير عمار غول، ما المشاريع الاقتصادية التي ستحظى بها فرنسا خلال الزيارة المنتظرة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند؟ وفي ضوء حديث الوزير عن ''تكالب'' فرنسي أمريكي للفوز بحصص من مشروع الطريق السيار، هل يمكن اعتبار ''المترو'' الذي بقي ثلاثين سنة تائها تحت الأرض، أحد المشاريع التي تكالبت عليها فرنسا وأمريكا. وهل يمكن اعتبار ترامواي العاصمة، أحد هذه المشاريع أيضا. وفي اعتقادي، فإن قضية الطريق السيّار ترقى إلى مستوى فضائح الشركة البترولية، سوناطراك، وقضية مجموعة الخليفة، ومن حق الجزائريين أن يعرفوا ماذا يجري في المكاتب المغلقة، سواء مكاتب الوزراء أو مكاتب ''سماسرة'' الرشاوى، أو مكاتب ''أبناء فرنسا وأمريكا''، كما أسماهم الوزير عمار غول. وبعيدا عن علاقة قضية الوزير عمار غول بخلفية الصراع التقليدي بين الرئيس بوتفليقة وخصومه، الذي يعكس هو الآخر دائما صراع السياسي مع العسكري، ولا يهتم به عادة سوى قلة قليلة من الجزائريين، فإن نهب المال العام أصبح ظاهرة خطيرة جدا تنغص حياة قطاع واسع من الجزائريين البسطاء. كيف لا وأرقام الخبراء تتحدث عن تخصيص 004 مليار دولار لمشاريع تنموية في ظرف 31 سنة مضت، لم ير منها المواطن البسيط سوى طريق سيّار لم يكتمل وبعض الجسور و''مترو'' و''ترامواي'' وعدد من السكنات ولم ترض أحلام الضائعين في البيوت القصديرية، ولم توقف جشع كثيرين. والخبراء أنفسهم يقولون إن هذا المبلغ (004 مليار دولار) لو وضع في بلد يحسن التسيير، فإنه سيبني بدل الجزائر الواحدة بلدانا كثيرة. ولهذا أجد نفسي حزينا لمجرد أنني حلمت، كأي جزائري، ببناء جسر عائم في البحر يربط ضفة برج البحري بضفة ساحة الشهداء في العاصمة. حزين لأنني حلمت بإمكانية رؤية جسر هو في الواقع ربع جسر (هايوان كوينغداو) البالغ طوله نحو 24 كيلومتراً، بناه الصينيون في البحر بتكلفة لا تزيد عن تسعة مليارات دولار. وبعد كل هذا، يكفيني أن أنقل حديثا حقيقيا جرى بين سارق جزائري وسارق إيطالي، حيث بدأ الجزائري يشتم الإيطالي ويقول له أنتم ''بلدكم كلها مافيا''، فما كان جواب الإيطالي على الجزائري إلا قوله ''نعم، ولكن المافيا الإيطالية شريفة، فهي عندما تسرق لا تستثمر أموالها خارج البلد، بخلافكم أنتم تسرقون من بلدكم لتعمّروا بلدان الآخرين''.