اعتقال أبوبصير أدى إلى تفكيك أخطر شبكة إسناد للإرهاب على مستوى العاصمة 65 عملية إرهابية طيلة 10 أشهر وتوقيف 44 إرهابيا أهمهم قاضي تنظيم القاعدة صنفت تقارير أمنية الأشهر العشرة الأولى من عام 2012، على أنها الأكثر هدوءا منذ 10 سنوات، في مجال مكافحة الإرهاب، حيث لم تسجل أي عملية إرهابية كبيرة باستثناء تفجيرين اثنين ضد مواقع أمنية في تمنراست وورفلة. في المقابل، حققت مصالح الأمن العاملة في مجال مكافحة الإرهاب إنجازات مهمة في مجال ملاحقة رؤوس تنظيم القاعدة. أوقف الجيش العمليات العسكرية الكبرى ضد الإرهاب، والتي تعتمد على تحريك مجموعات كبيرة من قوات الجيش والقيام بعمليات تمشيط واسعة في الجبال، في تطور جديد لأسلوب محاربة الإرهاب المعتمد من قبل القيادة العسكرية المسؤولة عن ملف الجماعات المتشددة المسلحة. وتم تحويل الجهود إلى نشاط أكثر دقة واحترافية تنفذه مجموعات عمل أثارت إعجاب دول كبرى معنية بمكافحة الإرهاب، حيث تعمل وحدات أمنية متخصصة على إعداد بنك معلومات وأهداف دقيقة حول تحركات عناصر التنظيم عبر الوطن. وضمن هذا السياق، باغتت قوات أمنية متخصصة عناصر التنظيم الإرهابي عدة مرات وأوقعتهم في كمائن غير متوقعة، ويعد هذا الأسلوب، حسب مختصين، دليلا قويا على وجود تغيير في أعلى هرم الجهاز المسؤول على تسيير الملف الأمني في المؤسسة الأمنية العسكرية في الجزائر. وموازاة مع توقف العمليات العسكرية الكبرى ضد الإرهاب، فإن النشاط المسلح لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، تراجع إلى أدنى مستوى له منذ عام 2002، حيث لم تسجل سوى 65 عملية إرهابية طيلة 10 أشهر، كان أهمها عمليات تفجير لسيارات مفخخة ضد مراكز للدرك الوطني في تمنراست وورفلة. في المقابل، أوقفت مصالح الأمن المتخصصة 44 إرهابيا أهمهم قاضي تنظيم القاعدة. وقال مصدر أمني رفيع ل''الخبر'' إن تراجع حدة العمليات الإرهابية في الأشهر الأخيرة، يعدّ اعترافا صريحا من قيادة تنظيم قاعدة المغرب، بفشل المنازلة في ولايات شرق العاصمة وهي إقرار بخسارة حرب المدن. وانتقلت حرب قوات الأمن على الإرهاب إلى مرحلة جديدة، دشنتها العمليات الأمنية الخاصة التي تعتمد على دقة المعلومة الاستخبارية، مع تراجع نسبي في دور الجيش والدرك وزيادة دور جهاز الاستعلامات والأمن ''المخابرات'' بفرعيه استعلامات الجيش ومراكز البحث والتحري الإقليمية وفرقة مكافحة الإرهاب المركزية، حيث تمت أغلب عمليات مكافحة الإرهاب بإشراف مباشر في مجال المعلومة الأمنية، من فرق مكافحة الإرهاب التي تم تشكيل أولى خلاياها في منتصف التسعينيات، لكنها الآن تعتمد على وسائل تكنولوجية عالية التقنية في تتبع ورصد جماعات الإرهابية. وكرس الوضع الجديد رغبة الإرهابيين في التخفيف من وطأة الحصار العسكري المضروب على معاقلهم التقليدية شرق العاصمة، بتنشيط جبهة العمل الميداني في الساحل. وفسر مصدر أمني جزائري عمليات الجماعات المسلحة في منطقة أزواد، مثل تنظيم قاعدة المغرب في الصحراء والتوحيد والجهاد، بأنها اعتراف ميداني من قادة الإرهابيين بفشل إستراتيجيتهم المستندة لأدبيات تنظيم القاعدة الأم في حرب المدن التي دشنوها في عام ,2006 بعمليات استعراضية انتحارية في العاصمة وانتهت بالقبض على الإرهابي فاتح بودربالة المدعو أبوبصير. وأدى اعتقال أبوبصير إلى تفكيك أخطر شبكة إسناد للإرهاب على مستوى العاصمة، بعدها قرر مجلس أعيان قاعدة المغرب، حسب مصدرنا، الانتقال إلى ما يسمى ''المرحلة الثالثة من حرب العصابات طبقا لمدونة سلوك الجماعات المسلحة التي تتبعها الجماعات الإرهابية المنبثقة من تنظيم القاعدة الدولي الأم''. وأفاد مصدرنا بأن مثل هذه العمليات الاستعراضية الميدانية الكبيرة، أمر كان متوقعا قبل عدة أشهر، فقاعدة المغرب تحركت إلى الجنوب كما وقع قبل عدة أشهر في ولايتي تمنراست وورفلة. وتعد العمليات الأمنية الأخيرة، مثل إلقاء القبض على قاضي القاعدة أبو إسحاق السوفي، من طرف وحدة أمنية متخصصة في مكافحة الإرهاب، ضربة شديدة المفعول أدت إلى إحداث شلل في الجهاز العصبي للقاعدة، بسبب نوعية العملية من حيث دقة المعلومات والتنفيذ، وأدخلت العملية التنظيم الإرهابي في دوامة من الشكوك والارتباك حول كيفية تسرب معلومات في غاية السرية لا يعرفها إلا أبو مصعب ورجال ثقته. وتعد هذه العمليات الناجحة شديدة الدقة، تدشينا لعهد جديد من العمليات الأمنية عالية المستوى التي تعتمد على الرصد طويل الأمد، بالإضافة إلى تجنيد مصادر معلومات من داخل التنظيم، حسب ما هو متداول بين مختصين في الشؤون الأمنية.