يرى تيري لوكراك، المحقق الصحفي والمخرج الفرنسي، أن الحوار الجاري في فرنسا حاليا، يتمحور حول عدم استغلال الساسة للتاريخ. وأضاف، في لقاء مع ''الخبر'' بمدينة مرسيليا، على هامش لقاء تكويني حول مسألة ظاهرة الهجرة، أن الرئيس فرنسوا هولاند بإمكانه نقل الحوار والعلاقات بين البلدين إلى آفاق أحسن، مطالبا بضرورة تجاوز مسألة تكريم بيجار، خاصة أن توقيتها لم يكن مناسبا على الإطلاق. كيف تنظرون إلى مسألة تكريم الدولة الفرنسية ممثلة في وزير الدفاع شخص بيجار الذي يعتبر أحد سفاحي الفترة الاستعمارية؟ أظن أنه أمر غريب ومريب.. فكيف تفكر فرنسا الرسمية في تكريم بيجار المقاتل والمحارب الفرنسي في حرب الهند الصينية وتنسى شخصية بيجار المظلي، وما ارتكبه في حق الجزائريين خلال فترة الاستعمار؟ في نظري كصحفي أشتغل على قضية الاستعمار، أعتقد أن تكريم بيجار بتاريخه الاستعماري الثقيل من شأنه تضليل عملية كتابة التاريخ، فقد تراجع الحوار العام في فرنسا منذ سنة 2005، بسبب استعمال الساسة للمسألة التاريخية. في تقديركم، هل ستؤثر هذه الخطوة في جدول أعمال زيارة الرئيس فرنسوا هولاند إلى الجزائر؟ لا أعتقد ذلك.. خلال فترة رئاسة ميتران وشيراك، كنا نفهم تحفظهم حول قضية الاستعمار، لأنهما كانا يتحملان مسؤولية مباشرة في تلك الحقبة. ولكن للأسف لما جاء نيكولا ساركوزي كان استعماريا أكثر من سابقيه وحاول تضليل الذاكرة. بينما الحوار الجاري في فرنسا حاليا، هو حول عدم استغلال التاريخ في المسائل السياسية. أظن أن فرنسوا هولاند بإمكانه نقل الحوار والعلاقات إلى آفاق أحسن، وأرى أنه لابد من تجاوز مسألة تكريم بيجار بسرعة، لأن توقيتها لم يكن مناسبا على الإطلاق. هناك مسألة أخرى يمكن توظيفها في التشويش على الزيارة المرتقبة، وهي مرافقة الوزير المنتدب لشؤون المحاربين القدماء، عبد القادر عريف وهو ابن حركي، للرئيس هولاند؟ سمعت أن عريف كادار، صرّح لبعض المواقع، أنه سيرافق هولاند إلى الجزائر. وفي نظري تناول أي مسألة تاريخية ليس من شأنه الوقوف حاجزا في طريق تقدم العلاقات الفرنسية الجزائرية، وقبل قلب أي صفحة من صفحات التاريخ لابد من كتابتها أولا. تيري لوكراك محقق صحفي، اشتغل لمدة عشرين سنة في مجلة ''تيري راما الثقافية''، كما أخرج عدة أفلام وثائقية لقناتي ''كنال +'' و''أرتي'' الفرنسيتين، تهتم في غالبيتها بالشأن الجزائري، مثل ''الجزائر المتنوعة'' سنة 2002 و''الجزائر فقر وملايير''. صدر له كتاب على شكل حوار مطول مع المؤرخ بنجامين ستورا بعنوان ''حرب الذاكرة'' وهو مهتم بشؤون الهجرة في المستعمرات الفرنسية السابقة.